مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج8-ص263
أريد الازواج لقيل: أو تعفو عما استحق لكم.
ولان المفهوم من قولنا ” بيده كذا ” تصرفه، والزوج لا يتصرف في عقدةالنكاح، وإنما كان تصرفه في الوطء، وإنما يتصرف في العقد الولي.
ولان المسند إليهن العفو أولا الرشيدات، فيجب ذكر غير الرشيدات لتستوفى القسمة.
ولان قوله تعالى:
(إلا أن يعفون)
استثناء من الاثبات فيكون نفيا، وحمله على الولي يقتضي ذلك، ففيه طرد لقاعدة الاستثناء.
ولو حمل على الزوج لكان إثباتا، فيستثنى من الاثبات إثبات، وهو خلاف القاعدة.
ولان قضية العطف التشريك، وعلى ما قلناه يشترك المعطوف والمعطوف عليه في النفي، ولو أريد الزوج لكان إثباتا، فلا يقع الاشتراك.
وفي كل واحد من هذه الوجوه نظر: أما الاول فلان العدول من المخاطبة إلى المغايبة والمخبر عنه واحد جاء في فصيح اللغة، وهو فن من فنون البلاغة يسمونه الالتفات، ومنه قوله تعالى:
(حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة)
(1).
وأما الثاني فالعفو كما يطلق على الاسقاط يطلق على الاعطاء، كما أشرنا إليه سابقا (2).
ومن الاول قوله تعالى:
(والعافين عن الناس)
(3) أي: التاركين ما لهمعندهم من مظلمة.
ومن الثاني قوله تعالى: (يسئلونك ماذا ينفقون قل العفو) (4) أي: الفضل من الاموال الذي يسهل إعطاؤه، وقوله تعالى: (خذ العفو) (5) أي: خذ
(1) يونس: 22.
(2) في ص: 261.
(3) آل عمران: 134.
(4) البقرة: 219.
(5) الاعراف: 19