مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج8-ص71
الثالث: لو لم يباشر المولى الطلاق ولكن أمر به العبد فهل يكون مجرد الامر فسخا للنكاح أم لا؟ فيه وجهان، من دلالته عليه كما دل عليه ما هو أضعف منه كالامر بالاعتزال ونحوه ومن أن المفهوم إرادة إيجاده من العبد فلا يحصل قبله.
وأن الامر بالطلاق يستدعي بقاء الزوجية إلى حين إيقاعه، فلو دل على الفسخ قبلها لتنافى مدلول اللفظ.
ولانه لو دل على الفسخ لامتنع فعل مقتضاه.
ووجه الملازمة أن الفسخ لو وقع لامتنع الطلاق، مع أنه مأمور به، فلا يكون ممتنعا.
وجوابه: أن دلالته على إرادة إيجاد الطلاق مطابقة، فلا ينافي دلالته بالالتزام على كونه فسخا، وهو المدعى.
ويمنع كون الامر بالطلاق يستدعي بقاء الزوجية إلى حينه، وإنما يستدعيه الطلاق الصحيح، والقائل بكون الامر فسخا لا يجعل الطلاق الواقع بعده صحيحا.
وهو جواب الثالث، فإن الامر إذا دل على الفسخ لا ينافيه امتناع فعل مقتضاه من حيث انفساخ النكاح به، فلا يتوقف على فسخ آخر.
ثم على تقدير إفادته الفسخ هل يكون طلاقا أم فسخا؟ يبنى على كون الفسخ والامر بالاعتزال طلاقا أم لا؟ فإن قلنا به فهنا أولى، لانه أقوى دلالة عليه من ذاك.
والاقوى عدمه، بل غايته أن يكون فسخا.
نعم، لو لم نجعله فسخا وامتثل العبد الامر فطلق كان طلاقا على الاقوى، لوقوع صيغته من أهلها باعتبار الامر، فوجد المقتضي له وانتفى المانع.
ووجه العدم ظاهر الحصر المستفاد من صحيحة (1) محمد بن مسلم في أمر السيد بالاعتزال.
ويضعف بالاجماع على عدم الانحصار، فوقوعه على تقدير القول بعدم كون الامر فسخا قوي.
(1) لاحظ ص: 63، هامش (4).