مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج8-ص43
مثل هذا الجواز إرادة الصحة، لان السؤال إنما هو عن حكم هذا العقد من حيث صحته وفساده، فإذا أجيب بالجواز كان معناه الصحة، وهو مجاز شايع.
ولانه يلزم من صحته وأن يكون جائزا، ويمتنع أن يراد بالجواز التزلزل، لان النكاح على هذاالتقدير غير متزلزل، بل إما واقع لازما أو غير واقع.
وأيضا فالمسؤول عنه اللزوم، فلو اريد غيره لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة أو وقت السؤال.
وفي الرواية أيضا خلوها من لفظ التزويج كالاوليين.
وأجيب بأن اعتبار لفظه لاخفاء فيه، فلعل السائل اعتمد على ظهوره واقتصر في السؤال على موضع الحاجة.
وفيه: أنه وارد في الاوليين، وقد ردتا بذلك.
واحتجوا له أيضا بما ذكره المصنف من أن بضع الامة مباح لمالكها بدون العقد فلا يستباح بالعقد، فلا بد من تقديم العتق ليقع العقد على الحرة.
ويضعف بأن الكلام إنما يتم بآخره، ولولا ذلك لم يصح جعل العتق مهرا، لانه لو حكم بوقوعه بأول الصيغة امتنع اعتباره في التزويج المأتي به بعده.
ومن دليل الفريقين وجوابهما ظهر أن الحق عدم الفرق بين تقديم العتق والتزويج.
وهو الذي استحسنه المصنف وأكثر المتأخرين.
بقي في المسألة بحث آخر، وهو أنه هل يفتقر في صحة النكاح مع الصيغة الواقعة من المولى إلى لفظ من الامة يدل على الرضا، أم لا؟ الظاهر من اطلاق النصوص والفتاوى عدمه.
ولان حل الوطء ثابت له، فهو بمنزلة التزويج، فإذاأعتقها وتزوجها وجعل عتقها مهرها كان في معنى استثناء حل نكاحها من مقتضيات العتق، لان مقتضاه بدون ذلك التحريم.
ولانها حال الصيغة رقيقة لا اعتبار برضاها، فلو اعتبر لزم بطلان ما وقع من المولى، لانه قائم مقام القبول من حيث إنه وظيفته، ووظيفة الايجاب من جانبها.
ولا بد من كمال المتعاقدين حال الايجاب والقبول معا، وهو منتف هنا.