مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج8-ص35
الشفاعة.
وأجيب بأن ظاهر الحديث أن الشفاعة كانت بعد فسخها، ولذلك روي (1) أنه كان يطوف ويبكي، ولم يامرها صلى الله عليه واله وسلم بترك الفسخ، بل قال لها: (لو راجعتيه فإنه أبو ولدك، فقالت: يا رسول الله تأمرني بأمرك؟ فقال: لا إنما أنا شافع، فقالت: لا حاجة لي فيه “.
والظاهر أن المراد من المراجعة تجديد النكاح.
وفيه نظر، لان ما ذكر من الرواية ليس صريحا في وقوع الفسخ وكون ذلك على وجه المراجعة، وفي بعض ألفاظ الرواية تصريح بكون ذلك طلبا للاختيار،فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: ” كان زوج بريرة يقال له مغيث كأني أنظر إليه يطوف وراها في سكك المدينة، وإن دموعه لتسيل على لحيته يترضاها لتختاره، فلم تفعل ” (2).
وفي رواية اخرى أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال لبريرة: ” إن قربك فلا خيار لك ” (3) وهو دليل على التراخي.
وفي روايات الاصحاب أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لها: ” اختاري ” بغير فاء، رواه عبد الله بن سنان في الصحيح وغيره (4)، والامر لا يفيد الفور.
وعلى كل حال فلا خروج عما عليه الاصحاب.
بقي في المسألة مباحث يتم بها أحكامها: الاول: الحكم معلق على عتق مجموع الامة، فلو أعتق بعضها فلا خيار لها، وقوفا فيما خالف الاصل على مورده.
ولا فرق بين كون الاكثر هو بعض الحرية أو الرقية، لانتفاء المقتضي فيهما.
ولو كمل عتقها تخيرت حينئذ، لوجود المقتضي في هذه الحالة.
(1) صحيح البخاري 7: 62، سن الدارمي 2: 223 ح 2292، سنن البيهقي 7: 222.
(2) سنن الدارقطني 3: 293 ح 182، سنن البيهقي 2: 221، 222، باختلاف.
(3) سنن أبي داود 2: 271 ح 2236، سنن البيهقي 7: 225.
(4) راجع الوسائل 14: 560 ب (52) من أبواب نكاح العبيد والاماء ح 9