مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج7-ص443
] قوله: ” ولو وهبها المدة قبل الدخول لزمه النصف “.
تصح هبة المدة جميعها أو بعضها، قبل الدخول وبعده، فيكون ذلك إبراء، لأنه إسقاط لما في الذمة فلا يعتبر فيه القبول، على الخلاف في الإبراء.
وفيه تنبيه على تأدي الإبراء بلفظ الهبة، لدلالتها على المقصود منه.
وقد يشد في جوازه من حيث تجدده شيئا فشيئا، والثابت في الذمة حال البراءة ليس هو الحق المتجدد.
ثم الهبة إما أن تكون قبل الدخول أو بعده.
فإن كان قبل الدخول وجب لها نصف المهر، وسقط النصف الآخر، كما لو طلق الزوجة الدائمة قبل الدخول.
هذا هو المشهور بين الأصحاب، وربما ادعي (1) عليه إجماعهم.
وقد تقدم مرارا ما يقدح في هذا الحكم إن لم يكن إجماع.
واستشهدوا له مع ذلك بمقطوعة سماعة قال: ” سألته عن رجل تزوج جارية أو تمتع بها، ثم جعلته في حل من صداقها يجوز أن يدخل بها قبل أن يعطيها شيئا؟ قال: نعم، إذا جعلته في حل فقد قبضته منه، فإن خلاها قبل أن يدخل بها ردت المرأة على الزوج نصف الصداق ” (2).
ولو دخل ثم وهبها باقي المدة أو بعضها صح ولا يسقط من المهر شئ، لاقتضاء العقد وجوبه أجمع، وسقوط شئ منه يحتاج إلى دليل.
ومن ثم وقع النظر في هبتها قبل الدخول من قصور الدلالة على المسقط، وأما بعد الدخول فلا دليل على سقوط شئ منه، وإن اقتضى توزيعه على المدة في بعض الصور لدليل، فإنه لا يوجب تعديه.
واعلم أن الظاهر من هبة المدة قبل الدخول هبة جميع ما بقي منها عند الهبة، وذلك هو المقتضي لسقوط نصف المهر إذا وقع قبل الدخول.
وهل المقتضي
(1) راجع السرائر 3: 623، جامع المقاصد 13: 23.
(2) التهذيب 7: 261 ح 1130، الوسائل 14: 483 ب (30) من أبواب المتعة.