مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج7-ص32
[.
] ومن ذلك أن يوضع على وعاء لصاحب الدعوة بين يدي الآكلين، فان ذلك قرينة إرادة ضبطه وقصر الإذن على الأكل.
وإن دل على إباحة الأخذ جاز.
وإن اشتبهالأمران فمقتفى العبارة المنع، لأنه جعل الجواز مشروطا بالاذن ولو بشاهد الحال، وهو حسن، لأصالة المقنع من التصرف في مال الغير، خرج منه ما إذا استفيد الاذن فيبقى الباقي.
وفى التذكره (1) جوز أخذه ما لم تعلم الكراهة، وقد روى ” أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حضر في إملاك، فأتي بأطباق عليها جوز ولوز وتمر فنثرت، فقبضنا أيدينا، فقال: ما لكم لا تأخذون؟ قالوا: لأنك نهيت عن النهب، قال: إنما نهيتكم عن نهب العساكر، خذوا على اسم الله، فجاذبنا وجاذبناه ” (2).
الرابعة: حيث يجوز أخذه بأحد الوجوه هل يملكه الآخذ بمجرد الاخذ؟ قيل: نعم، اعتبارا بالعادة الدالة على إعراض المالك عنه فأشبه التقاط المباحات، واختاره في التذكرة (3).
وقيل: لا يملك بذلك، وإنما يفيد مجرد الاباحة، لأصالة بقاء ملك مالكه عليه إلى أن يحصل سبب يقتفي النقل، وما وقع إنما يعلم منه إفادة الاباحة.
وهذا هو الأقوى.
والفرق بينه وبين مباح الأصل واضح، لأن ذلك لا ملك لأحد عليه فإثبات اليد عليه مع نية التملك كاف في تملكه، بخلاف المملوك إذا أبيح بالاذن فإن ذلك لا يخرج عن أصل الملك، وإثبات يد المأذون له فيه ليس من الأسباب الناقلة للملك شرعأ، فيتمسك بالاستصحاب إلى أن يعلم المزيل.
ويتفرع على ذلك: جواز رجوع المالك فيه ما دامت عينه باقية في يد الآخذ، فلو أتلفه ولو بالأكل زال ملك المالك عنه.
ولو نقله الآخذ عن ملكه ببيع ونحوه فالأقوى زوال ملك المالك عنه.
والكلام في أكل الحاضر منه الذي حكم بجوازه، في
(1) التذكرة 2: 580.
(2) تلخيص الحبير 3: 200 ح 1578.
(3) التذكر ة 2: 581.