مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج7-ص29
[.
] ذلك، ولما في تركه من التعرض للوحشة والنفرة، ولأنه أبلغ في إكرام الداعي وجبرقلبه، ولقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ” وإن كان مفطرا فليطعم ” (1).
وبعض من أوجب الحضور أوجب الأكل (2) ولو لقمة لما ذكرناه، وامتثالا للأمر في الخبر، ولأن المقصود من الأمر بالحضور الأكل فكان واجبا وأجيب بمنع انحصار المقصود في الأكل، بل مجرد الإجابة كاف في جبر القلب، ولهذا كلف الصائم واجبا بالحضور من غير أكل.
ويمنع حصول الوحشة مع إكرامه بالحضور وإجابة دعائه واجتماعه بين (3) الجماعة.
والتوعد المذكور سابقا إنما هو على ترك الإجابة.
السادس: الصوم ليس عذرا في ترك إجابة الدعوة، لقول الني صلى الله عليه واله وسلم: ” إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فإن كان مفطرا فليطعم، وإن كان صائما فليصل ” (4) أي: يحضر ويدعو لأهل الدعوة.
ثم إن كان الصوم واجبا مضيقأ – كرمضان والنذر المعين وما في حكمه كقضاء رمضان بعد الزوال – لم يجز له الافطار.
وإن كان موسعا – كالنذر المطلق وقضاء رمضان قبل الزوال – جاز الافطار على كراهية.
وإن كان نفلا فإن شق على صاحب الدعوة صومه استحب إفطاره إجماعا، ولأن النبي صلى اله عليه وآله وسلم حضر دار بعضهم، فلما قدم الطعام أمسكبعض القوم وقال: إني صائم، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: يتكلف لك أخوك المسلم وتقول: إني صائم؟! أفطر ثم اقض يومأ مكانه ” (5).
وإن لم يشق على
(1 و 4) مسند أحمد 2: 507، سنن أبي داود 2: 331 ح 2460.
(2) راجع المغني لابن قدامة 8: 110.
(3) في ” و “: مع الجماعة.
(5) سنن الدارقطني 2: 178 ح 24 و 26 بتفاوت في اللفظ، تلخيص الحبير 3: 198 ح 1568.