مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج6-ص318
[.] ويفترقان في ستة اشياء: الاول: أن المنجزة لازمة في حق المعطي ليس له الرجوع فيها وإن كثرت، لان المنع من الزيادة على الثلث إنما كان لحق الورثة فلم يملك له إجازتها ولا ردها.
وانما كان له الرجوع في الوصية لان التبرع بها مشروط بالموت فقبل الموت لم يوجد التبرع، بخلاف العطية في المرض، فإنه قد وجدت منه العطية والقبول من المعطى والقبض فلزمت، كالوصية إذا قبلت بعد الموت وقبضت.
الثاني: أن قبول المنجزة على الفور حيث يكون القبول معتبرا، كما في غير المريض، بخلاف الوصية، فإن قبولها المتأخر أولى من المتقدم إن اعتبرناه.
والفرقأن العطية تصرف في الحال فيعتبر قبولها في الحال، والوصية تبرع بعد الموت فيكفي حصول شروطها عند الموت.
الثالث: ان المنجزة مشروطة بالشروط المعتبرة فيها كما لو صدرت حال الصحة، من العلم بالعوض في المحاباة والتنجيز في البيع وغيره من العقود، بخلاف الوصية فإنها متعلقة بالموت، وعدم الغرر ليس شرطا في صحتها.
الرابع: أنها متقدمة على الوصية من الثلث عند الاجتماع حيث يضيق عنهما وإن تأخرت عنها لفظا، بخلاف الوصية.
ولا فرق هنا بين العتق وغيره عندنا، خلافا لبعض العامة (1) حيث قدمه، لتعلق حق الله تعالى به وحق الآدمي، وفوته بسرايته ونفوذه في ملك الغير.
الخامس: أنها لازمة في حق المعطي والوارث معا على تقدير البرء، فانه ليس لواحد منهما إبطالها، بخلاف الوصية.
والفرق بين هذا وبين الاول: اختصاص الاول بالمعطي ولو في حال المرض، وهذا به وبالوارث على تقدير البرء.
السادس: لزومها في حق المتبرع عليه حيث يكون التبرع لازما من طرفه،
= 189 ب ” 14 ” من ابواب الصدقة ح 4.
(1) المغني لابن قدامة 6: 525، 526.