مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج6-ص277
[.
] وان أريد به مطلق التصرف – كما هو المراد من قوله: (ولا تأكلوها إسرافا وبدارا) (1) (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) (2) (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما) (3) وغير ذلك – فقيد المعروف من ذلك غير واضح المراد ليعتبر معه أقل الامرين، لان التصرف على هذا الوجه يختلف باختلاف الاشخاص والحاجة، وربما أدى ذلك إلى الاضرار بمال اليتيم.
وقوله في الرواية: ” هو القوت ” تخصيص لمعنى الاكل الا أنه ليس بصريح في إختصاصه بأكله بنفسه، لما عرفت من ان الاكل يستعمل لغة فيما هو أعم من ذلك.
وعلى كل معنى فسر الاكل لا يتم الحكم فيه على اطلاقه، لان العمل ربما كان قليلا والقوت كثيرا فيؤدي إلى الاضرار باليتيم زيادة على المكلف، فاعتبار أجرة المثل مطلقا أجود.
ويمكن حمل الامر بالمعروف عليه، لان أجرة المثل ان كانت أقل فالمعروف بين الناس أن الانسان لا يأخذ عوض عليه من غير زيادة عن عوضه المعروف وهو أجرة مثله، ومثل هذا يسمى أكلا بالمعروف، والزيادة عليه أكلا بغير المعروف.
هذا إذا كان فقيرا، أما لو كان غنيا فالاقوى وجوب استعفافه مطلقا عملا بظاهر الآية، وبذلك يتحقق قول رابع، وهو استحقاق أجرة المثل مع فقره.
وذهب بعضهم (4) إلى قول خامس، وهو جواز أخذ أقل الامرين من اجرة مثله وكفايته مع فقره.
ولو تحقق للكفاية معنى مضبوط كان هذا القول أجود الاقوال.
ومثبتو أحد الامرين من غير تقييد بالفقر حملو الامر بالاستعفاف على الاستحباب، وادعوا ان لفظ الاستعفاف مشعر به، وله وجه.
(1) النساء: 6.
(2) البقرة: 188.
(3) النساء: 10.
(4) المبسوط: 2: 163، الخلاف 3: 179 مسألة (295)