مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج6-ص252
[.
] إذا تقرر ذلك: فقد اطلق المصنف وغيره (1) انهما في هاتين الحالتين مع التعاسر يجبرهما الحاكم على الاجتماع، فان لم يتفق جاز له الاستبدال بهما.
ولا يخلو على إطلاقه من إشكال على القول باشتراط العدالة، لانهما بتشاحهما حيث يمكن الاجتماع واصرارهما عليه يخرجان عن العدالة، خصوصا مع اجبار الحاكم لهما وتعاسرهما بعده.
والذى ينبغى تفريعا على اشتراط العدالة الحكم بفسقهما مع تشاحهما حيث يمكنهما الاجتماع ويكون ذلك محض العناد، ويستبدل بهما الحاكم.
ولقد احسن ابن ادريس هنا حيث قال: ” فإن تشاحا في الوصية والاجتماع لم ينفذ شئ مما يتصرفان فيه – إلى قوله – وللناظر في أمور المسلمين الاستبدال بهما، لانهما حينئذ قد فسقا، لانهما اخلا بما وجب عليهما القيام به، وقد بينا ان الفسق يخرج الوصية من يده ” (2) ومع ذلك ففي كلامه خبط من جهة أنه قبله بلا فصل صرح بعدم اشتراط العدالة، وانكر على الشيخ القول بها وبأن الوصي إذا فسق يخرج من يده ثم عقبها بمسألة الوصيين – وهي هذه – بلا فصل.
والحاصل: أنه مع اشتراط العدالة يلزم القول بانعزالهما مع التشاح الموجب للاخلال بالواجب مع الاصرار عليه حيث لم يثبت كون مثل ذلك من الكبائر.
نعم، يمكن فرض التشاح من غير فسق بان يختلف نظرهما في الامر، فلا يمكنهما الاجتماع على رأي واحد منهما، لان كل واحد منهما فرضه العمل بما يقتضيه نظره، ومثل هذا يجب استثناؤه، ولا يمكن الحاكم اجبارهما على الاجتماع فيه.
ويبقى الكلام فيما يمكن فيه الاجتماع ويكون الاختلاف مستندا إلى التشهي أو الميل الطبيعي، بأن أراد أحدهما الصدقة بالمال الموصى به بتفرقته على اشخاص معينين، وأراد الآخر غيرهم مع استحقاق الجميع، أو أراد أحدهما شراء نوع من
(1) راجع النهاية: 606، المهذب 2: 116، والوسيلة: 373، وتلخيص الخلاف 2: 290 ذيل مسألة (39).
(2) السرائر 3: 191.