مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج6-ص220
[.
] وفيه نظر، لان الحربي قد لا يكون مقاتلا بالفعل، بل ممتنعا من التزام شرائط الذمة، فلا يدخل في الآية.
وقوله – عليه السلام – في الخبر السابق: ” أعط لمن أوصىله وإن كان يهوديا أو نصرانيا ” واستشهاده بالآية يتناول بعمومه الحربي، لان ” من ” عامة في المتنازع، وكذلك اليهودي والنصراني شامل للذمي وغيره حيث لا يلتزم بشرائط الذمة.
ولا يقدح في دلالته عطفه اليهودي والنصراني ب ” إن ” الوصلية الدالة على انه أخفى الافراد، مع أن الحربي أخفى فكان ذكره أولى، لمنع كونه أخفى، وجاز تخصيص اليهودي والنصراني دون الوثني، لان الملتين من أهل الكتاب، ومناقشتهم على الكفر أقوى بسبب علمهم وتلقينهم الاحكام من الانبياء، بخلاف الوثني (هل يستوي الذين يعملون والذين لا يعلمون) (1).
ومن هذا ما ورد في الحج أن من وجب عليه فتركه فليمت ان شاء يهوديا وإن شاء نصرانيا (2).
ويمكن تخصيصهما حذفا لما سواهما عن درجة الاعتبار.
وايضا فقد عرفت أن الملتين شاملتان للحربي منهما وغيره، وإذا جازت الوصية لحربي أهل الكتاب جاز لحربي غيره، إذ لا قائل بالفرق مع ان صدد الخبر متناول بعمومه للجميع.
مضافا إلى ان الوصية نوع عطية لا تتوقف على القربة، فلا فرق بين وقوعها في الحياة وبعد الوفاة.
وأما ما قيل من الفرق بين الهبة والوصية – أن ملك الحربى غير لازم وماله غير معصوم فلا يجب دفعه إليه، فلو جازت الوصية له لكان إما أن يجب على الوصي دفعه إليه وهو باطل لما تقدم، أو لا يجب وهو المطلوب إذ لا معنى لبطلان الوصية إلا عدم وجوب تسليمها إلى الموصى له – ففيه منع استلزام عدم وجوب دفع الوصية إليه بطلانها، لان معنى صحتها ثبوت الملك له إذا قبله، فيصير حينئذ ملكا من املاكه
(1) الزمر: 9.
(2) راجع الوسائل 8: 19 ب ” 7 ” من ابواب وجوب الحج ح 1.