مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج6-ص150
[ وإذا وقعت بعد الوفاة كان ذلك إجازة لفعل الموصي، وليس بابتداء هبة، فلا تفتقر صحتها إلى قبض.
] الوارث وقد اسقطه، فلا جهة لاستمراره، ودوام الوصية يؤكدها.
واعلم ان إذن الوارث للموصي في الوصية بما زاد على الثلث في معنى الاجازة، فان قلنا ان الاجازة حال حياته تلزمهم فكذا مع إذنهم له في الوصية بالزائد، وان قلنا لا تلزم فكذا مع الاذن.
قوله: ” وإذا وقعت بعد الوفاة كان ذلك اجازة لفعل الموصي، وليس بابتداء هبة، فلا تفتقر صحتها إلى قبض “.
لا ريب في توقف ما زاد من الوصية عن الثلث على اجازة الورثة، فان أجازوا في حال الحياة حيث نعتبره كان تنفيذا لا ابتداء عطية بغير اشكال، لان الوارث لم يملك حينئذ، فلا يأتي فيه الاحتمال.
وان وقعت الاجازة بعد الوفاة ففي كونها تنفيدا لما فعله الموصي أو ابتداء عطيةمن الوارث وجهان، من انتقال الحق إليهم بالموت وزوال ملك الموصي، وان تصرف الموصي في الزائد على الثلث منهي عنه (1)، والنهي يقتضي الفساد، لان الزيادة حق الورثة فيلغو تصرف الموصي فيها وتكون العطية من الوارث.
ومن ان الملك باق على ملك المريض لم يخرج عنه بمرضه، فيصح تصرفه فيه لمصادفته الملك، وحق الوارث انما يثبت في ثانى الحال، فأشبه بيع الشقص المشفوع وإرث الخيار حيث تترتب عليه اجازة البيع، فانه لا يكون ابتداء بيع بل تنفيد لما فعل سابقا.
وايضا فان الوارث ليس بمالك، وثبوت حق الاجازة له لا يقتضي الملك، لان الحق اعم منه، فتصرف الموصي في ملكه، واجازة الوارث في معنى اسقاط حقه.
ولانه لو برئ من مرضه نفذت تصرفاته المنجزة مع كونها كانت متوقفة على اجازة الوارث كالوصية – على ما يأتي (2) – ولم يفتقر إلى الاستيناف، فدل على اعتبار ما وقع من الموصي لا على فساده.
(1) راجع الوسائل 13: 365 ب ” 10 ” 11 ” من احكام الوصايا.
(2) في ص: 304.