مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج6-ص138
[.
] واعلم ان الحكم مخصوص بالمعين كما اشرنا إليه، بأن أوصى بهذه الحنطة، أو بهذا الزيت، أو بما في البيت منه، فان تغييره دليل على صرفه عن جهة الوصية.
أما المطلق كأعطوه صاعا من حنطة فطحن ما عنده منها لم يكن رجوعا، لعدم اختصاص الموصى به بما عنده، حتى لو لم يوجد في تركته لوجب تحصيله من خارج، فلا يضر تغيير ما عنده.
والمصنف رحمه الله قد أشار إلى الفرق في عبارته، وخص موضع البطلان بالمعينة حيث اعاد الضمائر إلى الموصى به في قوله: ” كما إذا أوصى بطعام فطحنه.
إلى آخره ” فانه لو كان مطلقا لم يتصور الحكم بكون المطحون هو الطعام الموصى به وكذا غيره، لانه حينئذ يكون ماهية كلية والافراد الخاصة غيرها وان امكن تشخصه بها.
وهذا التفصيل واضح، وقد نبه عليه جماعة منهم العلامة في القواعد (1)، لكن في التذكرة عكس الحكم فقال بعد ان حكم بكون التغيير المذكور رجوعا: ” أما لو أشار إلى حنطة أو دقيق فقال: أوصيت بهذا، أو قال: أوصيت بما في البيت، ففي بطلان الوصية بالطحن والعجن اشكال أقربه العدم، إذ الاسم تعلقت به الوصية هنا “.
(2) ومقتضى الاستدراك تخصيص الحكم بالرجوع بغير المعين، وليس بجيد بل ولا سديد كما لا يخفى.
والاعتذار (3) له – بأن الوصية إذا تعلقت بعين مخصوصة لم تبطل الا بتلفها أو بحصول القرينة الدالة على الرجوع، كطحن الحنطة ليأكلها لا بدونها، وصيرورة الحنطة دقيقا لا يعد تلفا عرفا، فلا تبطل الوصية بمجرده – تعليل بموضع النزاع، ومستلزم لعدم البطلان بهذه الافعال في المطلق بطريق أولى، ولا
(1) القواعد 1: 356.
(2) التذكرة 2: 516.
(3) راجع المقاصد 11: 320.