مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج6-ص124
[.
] المعتبر لانه كما وقع التمليك قبل وقت الانتقال فقبوله كذلك.
وكما ان الموصي مالك للمال حينئذ فله نقله في أي وقت شاء، فالموصى له مالك ان يملك ايضا في أي وقت شاء وان لم يكن وقت الملك باختياره، كما في نظائره من قبول البيع بشرط وأجل في الثمن وغيره.
وافتراقهما في انتقال اصل الملك في البيع منجزا دون الوصية لا يقدح في ذلك.
وذهب بعض الاصحاب (1) ومنهم العلامة (2) إلى ان القبول انما يعتبر بعد الموت، محتجا بأنه أوجب له بعد موته فقبله ليس محلا للقبول فأشبه القبول قبل الوصية وكما لو باعه ما سيملكه، وبعدم المطابقة بين الايجاب والقبول، وبأن القبولإما كاشف أو جزء السبب، وعلى التقديرين يمتنع اعتباره قبل الموت، أما إذا جعل كاشفا فلان الكاشف عن الملك يجب ان يتأخر عنه ويمتنع الملك قبل الوفاة، وأما إذا جعل جزء السبب فلانه إذا تم العقد وجب ان يترتب عليه أثره، وهو هنا ممتنع قبل الموت.
وقد عرفت مما قررناه جواب ذلك كله، فان القبول لا يلزم ان يحصل به الملك، وانما يحصل به تمام سببه، وهو لا يوجب وجود مسببه، لجواز تخلفه لفقد شرط، وهو هنا كذلك، لان الموت شرط انتقال الملك، والايجاب كما وقع قبل زمان انتقال الملك ناقلا له في وقت متأخر فكذلك القبول، فالمطابقة حاصلة.
والفرق بينه وبين ما سيملكه واضح فان ذلك ممتنع شرعا ايجابا وقبولا، وهنا لا مانع منه الا بواسطة التخيل المذكور، وهو غير مانع.
وقوله: ” ان القبول اما كاشف أو ناقل ” يمكن اختيار كل واحد من القسمين، اما الكشف فلا يعنى به ان كل فرد من افراد القبول يقع كاشفا عن سبق الملك عليه
(1) راجع الغنية (الجوامع الفقهية): 542، الجامع للشرائع: 499، جامع المقاصد 10: 10.
(2) راجع المختلف: 499، والقواعد 1: 290، وفي كلامه فيه ما يوهم التناقض راجع جامعالمقاصد 10 – 12، والتحرير 1: 292.