مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج6-ص119
[.
] الوارث والموصى له اجماعا، فلم يبق الا الانتقال إلى ملك الموصى له انتقالا متوقفا على قبوله اعتبارا بما سبق من دليله، مع كون القبول كاشفا عن سبق ملكه من حين الموت اعتبارا بما ذكر هنا من الدليل، وعلى تقدير رده تبين بطلان الوصية وأنها كأن لم تكن فيكشف الرد عن ملك الوارث من حين الموت، ولا ينافيه الحكم بانتقالها إلى الموصى له، لان ذلك كان مراعى بالوصية وقد تبين عدمها، فكأن هذا الموصى بهعلى تقدير الرد لم يكن موصى له به اصلا، فلا يأتي دليل الانتقال عن الوارث اصلا.
ولا يخفى عليك ما في هذا التوجيه من التكلف والعجز عن مقاومة دليل الاول، وقد اعتذر عن تحرير الاول بكون سببية القبول تقتضي عدم حصول الملك بدونه، وان مدخلية القبول في الوصية ليست قوية على حد مدخليته في غيرها من العقود كالبيع.
ووجه ضعفها عدم الافتقار إليه في بعض الموارد كما عرفت وفي موضع النزاع على خلاف، بخلاف قبول البيع ونحوه فانه معتبر في تمام السببية اجماعا، واعتباره في الوصية على بعض الوجوه – مع ما فيه من الضعف المذكور – ويكفي فيه كونه كاشفا.
ولا يخفى ما فيه.
ومما قررناه يظهر: ان المصنف يمكن ان يكون مختاره هو الاول، لما قد ظهر من قوة دليله.
ثم لقائل ان يقول على دليل الحصر من الآية: انه لا مانع من القول بانتقالها إلى الوارث قبل القبول، لان الوصية قبله غير متحققة، لما عرفت من ان الوصية هي التمليك المخصوص الذى لا يتم الا بالايجاب والقبول، ومن ثم كان القبول معتبرا فيها، وكانت الآية في قوة ” من بعد وصية مقبولة ” لان اطلاقها يقتضى ذلك، فقبل القبول لا وصية فينتقل إلى الوارث بحكم الاصل، ولا يزول عن ملكه الا بقبولالموصى له، فحينئذ تتحقق الوصية ويحكم بانتقالها إليه.
ولا يقدح في ذلك ما قيل: انه يلزم منه تلقي الموصى له الملك عن الوارث وهو خلاف الواقع، لمنع ذلك، إذ يجوز كون ملك الوارث حينئذ مراعى بعدم قبول الموصى له ومغيا بغاية قبوله، فإذا حصل القبول انتفى ملكه وانتقل إلى ملك الموصى