مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج6-ص118
[.
] ” وينتقل بها الملك إلى الموصى له بموت الموصي ” للسببية، وهو مفيد لما ذكرناه.
ومع ذلك يحتمل ان يريد الانتقال المبتدأ من حين القبول على تقدير تأخره عن الموت كماهو ظاهر العبارة، فقبله لا ملك له اصلا.
وهذا هو القول الاول الذى حكيناه، وهو مختار العلامة في المختلف (1).
وان يريد به مجرد سببية القبول في الملك بمعنى توقفه عليه، ولكنه يكشف عن سبق ملك الموصى له من حين الموت.
وهذا القول هو مختار الاكثر، وهو الذى حكيناه ثانيا.
والحجة المشتركة بين القولين الدافعة للقول الثالث ان القبول لما كان معتبرا فتحصيل الملك للموصى له قبل قبوله لا وجه له، ولان الوصية تمليك عين إلى آخره كما عرفت فلا يسبق الملك القبول كسائر العقود، وان الموصى له لو رد الوصية بطلت ولو كان قد ملك بالموت لم يزل ملكه بالرد كما بعد القبول، وان الملك لو حصل بدون القبول لم يحتج إلى قبول وارث الموصى لو مات قبله مع اتفاقهم على اعتباره في تملكه.
ثم يقال في تقرير القول الاول: انك لما عرفت ان القبول معتبر في تحقق الملك في الجملة فيجب ان لا يتحقق قبله مطلقا.
وايضا فان القبول تمام السبب الموجب للملك كغيره من العقود الناقلة له، والموت شرط في انتقال الملك، لان مقتضى الوصية التمليك بعده، فقبل القبول لم يتحقق السبب الناقل للملك وان وجدالشرط، كما في الملك الحاصل بالبيع فانه قبل القبول لا يتحقق اصلا وان اجتمعت الشرائط المعتبرة في صحة البيع من جميع الجهات.
والقائل الثاني يقول مضافا إلى المشترك: ان الله تعالى جعل ملك الوارث بعد الوصية والدين، والوصية هنا موجودة فلا يجوز انتقال متعلقها من التركة إلى الوارث عملا بظاهر الآية (2)، ولا يبقى على ملك الميت لانتفاء أهليته له، ولا إلى ملك غير
(1) المختلف: 500.
(2) النساء: 11 و 12.