مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج6-ص110
[.
] ما يجب فيه اجرة المثل من العقود واضح، لا من جهة ما ذكروه من رجوع نفع عمل العامل إلى من يخاطب بالاجرة حتى يرد عليه مثل العمل الذى لا يعود به عليه نفع في القراض، بل لان تلك العقود اقتضت امر العامل بعمل له اجرة في العادة، فإذا فسد العقد المتضمن (1) للعوض المخصوص بقى اصل الامر بالعمل الموجب لاجرة المثل، بخلاف هذا العقد، فانه لا يقتضى امرا بالفعل، فان قوله: سابقتك على ان من سبق منا فله كذا، ونحو ذلك من الالفاظ الدالة على ان المراد ليس فيها امر ولا مايقتضيه بفعل له اجرة.
فالاصل براءة الذمة من وجوب شئ آخر غير ما تضمنه العقد.
وقاعدة ان كل ما كان صحيحة موجبا للمسمى ففاسده موجب لاجرة المثل لا دليل عليها كلية، بل النزاع واقع في بعض مواردها، فكل ما لا اجماع ولا دليل صالح يدل على ثبوت شئ فالاصل يخالف مدعي القاعدة.
نعم، لو اتفق وقوع العقد بصيغة تقتضي الامر بالفعل وجوزناه اتجه وجوب أجرة المثل، الا ان هذا خارج عن وضع الصيغة المعهودة وانما يتفق، حيث لا نخصه (2) بعبارة بل كل لفظ دل عليه كالجعالة.
إذا عرفت هذا فحيث نقول بأجرة المثل يرجع فيها إلى مجموع العمل وهو مجموع ركضه، لا إلى القدر الذى سبق به، لانه سبق بمجموع عمله لا بذلك القدر.
وان كان فساد العقد من جهة خروج العوض مستحقا فقد جزم المصنف بأنه يجب على الباذل مثله أو قيمته، ووافقه عليه جماعة (3) من المتأخرين.
ووجهه ما عرفت من صحة العقد ابتداء بالعوض المعين، وانما اتفق متزلزلا موقوفا على اجازة المالك،
(1) في ” ب ” وهامش ” و “: المقتضي.
(2) في النسخ الخطية: يخصه.
(3) التحرير 1: 262، اللمعة: 101.