مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج6-ص109
[.
] إذا فسدت المعاملة بعد العمل فلا يخلو: إما أن يكون الفساد ابتداء بحيث لم يتزلزل العقد، بل لم ينعقد أصلا، سواء كان بسبب العوض بأن كان خمرا أو مجهولا، أم من جهة ركن من اركان العقد بان اختل بعض شروطه السابقة أو غيرها.
واماان يكون طارئا على اصل الصحة بأن ظهر العوض مستحقا، فإن العقد وقع صحيحا غايته تزلزله حيث وقف على اجازة المالك، وإنما طرأ له البطلان بعدم إجازته، ومن ثم لو أجاز لزم العقد، فدل على أنه لم يقع فاسدا ابتداء.
فهذا هو الوجه في فرق المصنف بين القسمين.
فان كان فساده من الجهة الاولى فقد قطع المصنف بأنه لا شئ للسابق، وهو اختيار الشيخ (1) رحمه الله.
ووجهه انه لم يعمل له شيئا ولا فوت عليه عمله ولا عاد نفع ما فعله إليه، وانما فائدة عمله راجعة إليه، بخلاف ما إذا عمل في الاجارة والجعالة الفاسدتين، فانه يرجع إلى أجرة مثل عمله، لان فائدة العمل للمستأجر والجاعل.
وذهب العلامة (2) وجماعة المتأخرين (3) إلى وجوب أجرة المثل، لانه عقد استحق المسمى في صحيحه، فإذا وجد المعقود عليه في الفاسد وجب عوض المثل.
ولا نسلم ان وجه وجوب اجرة المثل في العقدين ونظائرهما رجوع عمل العامل إلى من يجب عليه العوض، لان العمل في القراض قد لا ينتفع به المالك ومع ذلك يكون مضمونا.
وعندي فيه نظر، لان الالتزام لم يقع الا على تقدير العقد الصحيح، والاصل براءة الذمة من وجوب شئ آخر غير ما وقع عليه العقد.
والفرق بين هذا العقد وبين
(1) المبسوط 6: 302.
(2) التحرير 1: 262، القواعد 1: 263.
(3) في ” م ” وهامش ” و ” جماعة من المتأخرين.
راجع ايضاح الفوائد 2: 368 وجامع المقاصد 8: 337.