مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج6-ص93
[.
] لما كان عقد المسابقة من عقود المعاوضات وان لم تكن محضة فلا بد فيه من الضبط الرافع للجهالة الدافع للغرر المحصل للغاية المطلوبة منه، ولا يتم ذلك الا بأمور ذكر المصنف منها خمسة، وجعلها في التذكرة (1) اثني عشر، ونحن نشير إليها جملة مبتدئين بما ذكره المصنف منها: الاول: تقدير المسافة ابتداء وانتهاء، فلو لم يعيناهما أو احدهما، بأن شرطا المال لمن يسبق منهما حيث يسبق – لم يجز، لانه إذا لم يكن هناك غاية معينة فقد يديمانالسير حرصا ويتعبان فتهلك الدابة.
ولان من الخيل ما يقوى سيره في ابتداء المسافة ثم يأخذ في الضعف وهو عتاق الخيل، وصاحبه يبغى قصر المسافة، ومنها ما يضعف في الابتداء ثم يقوى ويشتد في الانتهاء، وهو هجانها وصاحبه يبغى طول المسافة، فإذا اختلف الغرض فلا بد من الاعلام والتنصيص على ما يقطع النزاع، كما يجب التنصيص على تقدير الثمن في البيع والاجرة في عقد الاجارة، إذ السبق احد العوضين هنا.
وعلى هذا فلو استبقا بغير غاية لينظر ايهما يقف أولا لم يجز، لما ذكر الثاني: تقدير الخطر، وهو المال الذى تسابقا عليه جنسا وقدرا، لانه عوض عن فعل محلل فيشترط فيه العلم كالاجارة.
فلو شرطا مالا ولم يعيناه، أو تسابقا على ما يتفقان عليه، أو على ما يحكم به زيد بطل العقد، للغرر وافضائه إلى التنازع المخالف لحكمة الشارع.
ويجئ على قول من يجعلها جعالة جواز الجهالة في العوض على بعض الوجوه، وذلك حيث لا يمنع من التسليم ولا يفضي إلى التنازع، كجعل عبده الفلاني أو جزء منه – ولا يعلمانه أو أحدهما – لمن سبق، وقد تقدم (2) أن المال ليس شرطا في عقد المسابقة، بل يعتبر ضبطه على تقدير اشتراطه.
الثالث: تعيين ما يسابق عليه بالمشاهدة، لان المقص من المسابقة امتحانالفرس ليعرف شدة سيره وتمرينه على العدو، وذلك يقتضي التعيين.
وفي الاكتفاء
(1) التذكرة 2: 354.
(2) راجع ص: 87، 90.