مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج6-ص38
[.
] بالوفاء به التزامه مطلقا لكنه مخصوص بالعقود اللازمة، وكون هذا العقد لازما في هذه الحالة عين المتنازع، وقد عرفت دلالة الادلة الصحيحة على جوازه، فيكون مستثنى كما استثني غيره من العقود الجائزة.
واما الثالث – وهو خبر ابراهيم بن عبد الحميد – فأول ما فيه ضعف السند جدا، فان ابراهيم بن عبد الحميد واقفى المذهب، وان قال بعضهم (1): انه ثقة.
والذى يرويه عنه عبد الرحمان بن حماد، وهو مجهول العين مطلقا، وانما يوجد في قسم الضعفاء عبد الرحمان بن ابي حماد، وهو غال لا يلتفت إليه.
والذى يرويه عنه ” ابراهيم ” بقول مطلق، وهو مشترك بين جماعة منهم الضعيف والثقة.
وما هذا شأنه كيف يجعل حجة في مقابلة تلك الاخبار الصحيحة، مع ان في معناها من الاخبار الضعيفة (2) جملة لم يلتفت إلى ذكرها لذلك، وان كان حالها اقوى من هذا الخبر؟.
واما دعوى انجبار ضعفه بالشهرة فأعجب من اصل الاستدلال به، فان شهرته ان كانت بمعنى تدوينه في كتب الحديث فهو أمر مشترك بينه وبين سائر الاخبار الضعيفة المذكورة في كتب اصول الحديث المروية (3)، وان كان بمعنى عملهم بمضمونها فظاهر بطلانه، لان مضمونه لزوم الهبة متى قبضت، سواء كانت لرحم أم غيره، عوض عنها أم لم يعوض، بقيت عينها أم تلفت، وهذا هو المفهوم على اطلاقه لا يقول به احد، وانما يأخذون منه هنا قدر حاجتهم خاصة، وهو لزومها على تقدير التصرف، ويطرحون باقى مدلوله، فأي معنى لاشتهاره على وجه يجبر ضعفه؟سلمنا، لكن لا دلالة له على التصرف مطلقا، وانما دل على لزومها مطلقا بالقبض كما عرفت، وانتم لا تقولون به، فأي وجه لحمله على حالة التصرف خاصة؟.
وأما الاستدلال بقوله صلى الله عليه وآله: ” إن الراجع في هبته كالراجع
(1) الفهرست للشيخ: 7.
(2) راجع الوسائل 13: 338 ب ” 6 ” من كتاب الهبات.
(3) في ” س “: المدونة.