مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج6-ص11
[.
] جهة المهدي كالايجاب والقبض من جهة المهدى إليه كالقبول، لان الهدايا كانت تحمل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله من كسرى وقيصر وسائر الملوك فيقبلها، ولا لفظ هناك، واستمر الحال من عهده صلى الله عليه وآله إلى هذا الوقت في سائر الاصقاع، ولهذا كانوا يبعثون على أيدي الصبيان الذين لا يعتدبعبارتهم.
قال: ” ومنهم من اعتبرهما كما في الهبة، واعتذروا عما تقدم بأن ذلك كان إباحة لا تمليكا.
وأجيب بأنه لو كان كذلك لما تصرفوا فيه تصرف الملاك، ومعلوم ان النبي صلى الله عليه وآله كان يتصرف فيه ويملكه غيره، ويمكن الاكتفاء في هدايا الاطعمة بالارسال والاخذ جريا على العادة بين الناس “.
قال: ” والتحقيق مساواة غير الاطعمة لها، فان الهدية قد تكون غير طعام، فانه قد اشتهر هدايا الثياب والدوات من الملوك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإن مارية القبطية أم ولده كانت من الهدايا “.
وهذا الذى ذكره من التحقيق يشعر بما نقلناه عنه من الاكتفاء بذلك، وهو حسن.
ومع ذلك يمكن ان يجعل ذلك كالمعاطاة يفيد الملك المتزلزل، ويبيح التصرف والوطي، ولكن يجوز فيها الرجوع فيها قبله، عملا بالقواعد المختلفة، وهي أصالة عدم اللزوم، مع عدم تحقق عقد يجب الوفاء به، وثبوت جواز التصرف فيها، بل وقوعه ووقوع ما ينافي الاباحة، وهو الوطئ وإعطاؤه الغير، فقد وقع ذلك للنبى صلى الله عليه وآله وسلم في مارية ام ولده (1)، وقد كان يهدى إليه الشئ فيهديهلزوجاته وغيرهم (2)، وأهدي إليه حلة فاهداها لعلي عليه السلام (3) من غير ان ينقل
(1) الطبقات الكبرى 1: 134 (2) الطبقات الكبرى 8: 188 – 189، المستدرك للحاكم 3: 218.
(3) راجع سعد السعود: 90، والبحار 43: 76.