مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج6-ص9
[ وهي تفتقر إلى الايجاب والقبول والقبض.
فالايجاب كل لفظ قصد به التمليك المذكور كقوله – مثلا -: وهبتك وملكتك.
] والصدقة والهبة والهدية والسكنى، ومن ثم اطلق بعض الفقهاء (1) عليها اسم العطايا وعنونها بكتاب، فتكون أعم من الهبة.
والنحلة في معناها، فيكون إطلاقها على الهبة كاطلاق الجنس على النوع.
وقد عرفت أن الهبة أعم من الصدقة، لاشتراطها بالقربة دونها.
وأما الهدية فهي أخص من الهبة ايضا، لانها تفتقر إلى قيد آخر مضافا إلى ما ذكر في تعريف الهبة، وهو ان يحمل الموهوب من مكان إلى مكان الموهوب منه إعظاما له وتوقيرا، فامتازت عن مطلق الهبة بذلك، ولهذا لا يطلق لفظها على العقارات الممتنع نقلها، فلا يقال: أهدى إليه دارا ولا ارضا، ويقال: وهبه ذلك، فصارت الهبة اعم منها ايضا (2).
وعلى هذا يتفرع أنه لو نذر الهبة برئ بالهدية والصدقة، دون العكس مطلقا.
ولو حلف لا يهب، فتصدق أو أهدى حنث، دون العكس بتقدير فعله فردا منها خارجا عنهما.
وقال الشيخ في المبسوط: ” الهبة والهدية والصدقة بمعنى واحد ” (3) ثم علله بمسألة الحلف، وهي لا تدل على مطلوبه كما لا يخفى، بل التحقيق ما ذكرناه.
قوله: ” وهي تفتقر إلى الايجاب والقبول.
الخ “.
لما كانت الهبة من العقود اللازمة على تقدير اجتماع شرائط اللزوم اعتبر فيها ما يعتبر في العقود اللازمة من الايجاب والقبول القوليين العربيين وفورية القبول للايجاب بحيث يعد جوابا له، وغير ذلك مما يعتبر في العقود.
ولما كانت جائزة على كثير من الوجوه لم يضيقوا المجال فيها على حد العقود اللازمة، فاكتفوا فيها بكل ما دل على التمليك المذكور، حتى قالوا: لو قال: هذا لك، مع نية الهبة كفى مع كونه ليس
(1) راجع إرشاد الاذهان 1: 449.
(2) في ” س “: أعم منها مطلقا.
(3) المبسوط: 303 3.