مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج5-ص121
[ الثامنة: إذا عين له حرزا بعيدا عنه وجب المبادرة إليه بما جرت العادة.
فإن أخر مع التمكن ضمن.
] – وفي المسألة قول رابع (1)، وهو أنه إن أظهر لانكاره تأويلا كقوله: ليس لك عندي وديعة يلزمني ردها أو ضمانها، ونحو ذلك، قبلت دعواه وسمعت بينته، وإن لم يظهر لها تأويلا لم تقبل.
واختار الشهيد رحمه الله (2).
وهو حسن.
هذا كله إذا كان الحجود بإنكار أصل الايداع، أما لو كانت صورته: لا يلزمني شئ، أو لا يلزمني تسليم شئ إليك، أو مالك عندي وديعة، أو ليس لك عندي شئ، فقامت البينة بها، فادعى التلف أو الرد، سمعت دعواه وبينته، لعدم التناقض بين كلاميه.
وحيث قلنا بقبول بينته إن شهدت بتلفها قبل الجحود برئ من الضمان، وإن شهدت بتلفها بعده ضمن، لخيانته بالجحود ومنع المالك عنها.
قوله: ” إذا عين له حرزا بعيدا عنه – إلى قوله – ضمن “.
لما كان الواجب على المستودع وضع الوديعة في حرز مع الاطلاق وفي المعين منه مع تعيينه، وذلك شامل لجميع أجزاء الزمان الذي يكون فيه مستودعا، لزم وجوب المبادرة إلى وضعها في الحرز، فلو أمره بوضعها في البيت وكان خارجا عنه أو في الصندوق كذلك لم يصح له إبقاؤها معه إلى أن يصل إليه كيف شاء، بل يجب عليه المبادرة بحسب العادة إلى إيداعها ذلك المحل المعين، فان أخر عن المبادرة وإن قل ضمن مع التمكن منها.
وينبغي أن يراد بالتمكن هنا ما يعم الشرعي والعقلي، فلو كان في وقت فريضةقد ضاق بحيث يستلزم المبادرة فواتها ونحو ذلك عد غير متمكن، إلا أن يتم الواجب
(1) في هامش ” و ” و ” ن “: ” الفرق بين هذا القول وبين ما سيأتي من تقييد قول المصنف (رحمه الله) أنه هنا صرح بعدم الاستيداع كقوله: مالك عندي وديعة ونحوه واقتصر عليه، لكن أظهر له بعد ذلك تأويلا عن الوجه المذكور، أما الآخر فإنه أضاف إلى الانكار كلاما أغنى عن التأوى، فمرجع الامرين إلى أن الاول نوى ما يزيل التنافي، والثاني تلفظ به متصلا به.
منه رحمه الله “.
(2) نسبه الشارح في الروضة 4: 249 إلى بعض تحقيقات الشهيد.