مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج5-ص79
[ ولو طرح الوديعة عندهه لم يلزمه حفظها إذا لم يقبلها.
] – العلماء إلى أنها إذن مجرد لا عقد (1)، وفرع عليه عدم اعتبار القبول القولي، وآخرون (2) إلى أن الايجاب إن كان بلفظ ” أودعتك ” وشبهه مما هو على صيغ العقود وجب القبول لفظا، وإن قال: احفظه ونحوه، لم يفتقر إلى القبول اللفظي كالوكالة.
وهو كلام موجه.
واعلم أنه لا يجب مقارنة القبول هنا للايجاب، سواء اعتبرناه قوليا أم اكتفينا بالفعلي.
قوله: ” ولو طرح الوديعة عنده لم يلزمه حفظها إذا لم يقبلها “.
المراد بالقبول هنا القبول الفعلي خاصة، لان القبول اللفظي غير كاف في تحقق الوديعة قطعا، بل لابد معه من الايجاب ولم يحصل هنا بمجرد الطرح.
وأما الفعلي فقد عرفت أنه يجب معه الحفظ، سواء تحققت به الوديعة أم لا، نظرا إلى ثبوت حكم اليد.
وحيث يحصل القبول الفعلي هنا إنما يجب حفظها، لا أنها تصير وديعة شرعية.
وعبارة المصنف لا تدل على أزيد من ذلك، لانه قال: لم يلزمه حفظها، ولم يقل: لم تصر وديعة.
وذلك لان طرح المالك لها أعم من اقترانه بما يوجب الايجاب، وهوالاتيان بما يدل على الاستنابة.
لكن لما عرفت أن الايجاب يحصل بالقول الصريح والاشارة والتلويح ينظر هنا، فإن حصل مع الطرح ما يفيد ذلك كان القبول في قول المصنف أعم من كونه قوليا وفعليا، وإن لم يحصل معه ما يدل على الايجاب فالمعتبر في وجوب الحفظ القبول الفعلي خاصة.
لكن قوله: ” طرح الوديعة ” لا يخلو من قرينة أن يريد بالطرح الايداع بواسطة تسميتها وديعة، فإنها لغة وعرفا هي المال المودع، وشرعا هي العقد المفيد للاستنابة في حفظه، أو نقول: إن القبول يقتضي سبق إيجاب، فيؤذن بأنه استفاد من الطرح الايجاب، وأما تسلمها بالفعل فلا يسمى قبولا من دون سبق إيجاب وإن وجب حفظها لذلك (3)، إلا أنه قد يتوسع في إطلاق القبول من غير سبق إيجاب مطلقا.
ويحصل من ذلك صور:
(1) لم نعثر عليه.
(2) راجع الوجيز 1: 284 بالالتفات إلى ص: 189 منه.
(3) في ” ه ” و ” س ” و ” م “: كذلك.