مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج5-ص39
[ وهي لازمة كالاجارة، ويصح قبل ظهور الثمرة.
وهل تصح بعد ظهورها؟ فيه تردد، والاظهر الجواز، بشرط أن يبقى للعامل عمل وإن قل، بما يستزاد به الثمرة.
] – قوله: ” وهي لازمة كالاجارة “.
لا خلاف عندنا في لزوم هذا العقد، فلا يجوز لاحدهما فسخه إلا بالتراضي على وجه الاقالة، لعموم الادلة (1) التي دلت على لزوم غيره من العقود.
ونبه المصنف بقوله: ” كالاجارة ” على خلاف بعض العامة (2) حيث قال: إنه جائز كالمضاربة لاشتراكهما في كونهما عقدا على جزء من نماء المال، فقال المصنف: بل هو لازم كالاجارة، لاشتراكهما في كون كل منهما عقد معاوضة، ولعموم الامر بالوفاء بالعقود (3) المقتضي للزوم إلا ما أخرجه الدليل.
قوله: ” وهل يصح بعد ظهورها – إلى قوله – يستزاد به الثمرة “.
إذا ساقاه على الشجر والثمرة معدومة مدة يمكن وجودها فيها عادة صح إجماعا.
وإن كان بعد ظهورها ولم يبق للعمل فيها مستزاد لم يصح إجماعا، وإن احتاجت إلى عمل كالجذاذ والحفظ والنقل ونحو ذلك، لانها حينئذ يكون قد ملكها رب الشجر، ولم تحصل بالمساقاة زيادة، فينتفي الغرض الذي اقتضى شرعيتها.
وأما إذا كانت قد ظهرت، ولكن بقي لها عمل يحصل به زيادة في الثمرة كالسقي، والحرث، ورفع أغصان شجرة الكرم على الخشب، وتأبير ثمرة النخل ففي جوازها حينئذ وجهان، أجودهما الصحة، تحصيلا لتلك الفائدة، ولان العقد حينئذ أبعد عن الغرر، للوثوق بالثمرة، فيكون أولى مما لو كانت معدومة.
ووجه عدم الجواز أن الثمرة إذا ظهرت فقد حصل المقصود، فصار بمنزلة القراض بعد ظهور الربح، ولان المقصود من المساقاة ظهور الثمرة بعمله.
وفيهما منع ظاهر.
ولو كان
(1 و 3) الآية 1 من سورة المائدة.
(2) راجع المغني لابن قدامة 5: 568 وكتاب الفروع 4: 407.