مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج4-ص262
[ إلا ما أحل حراما أو حرم حلالا.
] عليه المدعى به ظاهرا، وصولح على قدر بعض ما عليه في الواقع، أو ببعض العين، أو بمال آخر، لم يستبح المنكر ما بقي له من مال المدعي عينا ودينا، حتى لو كان قد صالح عن العين بمال آخر فهى بأجمعها في يده مغصوبة، ولا يستثنى له منها مقدار ما دفع، لعدم صحة المعاوضة في نفس الامر.
وكذا لو انعكس، وكان المدعي مبطلا في نفس الامر، لم يستبح ما صولح به من عين ودين.
وإنما حكمهم بالصحة بحسب ظاهر الشرع، لاشتباه المحق من المبطل، لان هذا كله أكل مال بالباطل.
وإنما صالح المحق المبطل دفعا لدعواه الكاذبة، وقد يكون استدفع بالصلح ضررا عن نفسه أو ماله، ومثل هذا لا يعد تراضيا يبيح ت كل مال الغير.
نعم، لو كانت الدعوى مستندة إلى قرينة تجوزها، كما لو وجد المدعي بخط مورثه أن له حقا على أحد، أو شهد له من لا يثبت بشهادته الحق، ولم يكن المدعيعالما بالحال، وتوجهت له اليمين على المنكر، فصالحه على إسقاطها بمال، أو على قطع المنازعة، فالمتجه صحة الصلح في نفس الامر، لان اليمين حق يصح الصلح على إسقاطها.
ومثله ما لو توجهت الدعوى بالتهمة حيث يتوجه اليمين على المنكر ولا يمكن ردها.
قوله: ” إلا ما أحل حراما أو حرم حلالا “.
هذا لفظ الحديث النبوي (1) وفسر تحليل الحرام بالصلح على استرقاق حر أو استباحة بضع لا سبب لاباحته غيره، أو ليشربا أو أحدهما الخمر، ونحو ذلك، وتحريم الحلال بأن لا يطأ أحدهما حليلته، أو لا ينتفع بماله، ونحو ذلك.
والاستثناء على هذا متصل، لان الصلح على مثل هذه باطل ظاهرا وباطنا.
وفسر بصلح المنكر على بعض المدعى أو منفعته أو بدله، مع كون أحدهما عالما ببطلان الدعوى، كما سبق تحريره.
والاستثناء عليه يكون منقطعا، للحكم بصحته ظاهرا، وإنما هو فاسد في نفس الامر، والحكم بالصحة والبطلان إنما يطلق على ما
(1) المتقدم في ص: 259 الهامش رقم (3).