پایگاه تخصصی فقه هنر

مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج4-ص260

[ وليس فرعا على غيره، ولو أفاد فائدته.

] بسبق خصومة، كما يقوله بعض العامة (1)، للان القاطع للتجاذب مسبوق به.

قلنا: لا يلزم من كون أصل شرعيته لذلك ثبوته في كل فرد من أفراده، كما أشرنا إليه سابقا من أن القواعد الحكمية لا يجب إطرادها في كل فرد، كالقصر في السفر، فإن الاصل فيه وجود المشقة بدونه، وقد ثبت مع عدمها في كثير من أفراده،خصوصا مع وجود النصوص المتناولة بإطلاقها أو عمومها لما لا نزاع فيه.

فان قيل: السفر إلى المسافة مظنة المشقة، والقصر تابع له، بخلاف الصلح، فإنه لم يعلق بما هو مظنة التجاذب، بل أجريتموه فيما لا تعلق له بالمنازعة أصلا.

قلنا: الموجب لاثبات الصلح وشرعيته أمران – كما قد عرفت سابقا – أحدهما يدل على أنه موضوع لقطع التنازع من غير أن يدل على انحصاره فيه، والآخر يدل بإطلاقه على جوازه مطلقا، فيجوز حينئذ أن يكون أصل شرعيته لقطع التنازع مع عدم انحصاره فيه، لما دل عليه باقي الادلة.

فمرجع الامر إلى أن الاصل فيه ذلك الحكم لكنه تعدي إلى غيره بالدليل، كما أن الاصل في القصر كان السفر والخوف معا، تخفيفا على المكلف، كما دلت عليه الآية (2)، ثم تعدي إلى ما لا خوف فيه ولا مشقة، بل إلى ما لا سفر فيه أيضا على بعض الوجوه، كالموتحل والغريق ونحوهما، وكالفسخ بالعيب الذي هو نقصان في الخلقة، لانه مظنة نقصان القيمة، ثم عدي إلى ما لا نقصان معه، بل إلى ما فيه زيادة كالخصي، إلى غير ذلك من الاحكام.

وبالجملة فالمرجع في إثبات الحكم الشرعي إلى الدليل الدال عليه، لا إلى الحكمة التي شرع لاجلها، وهو أعم من موضع النزاع.

قوله: ” وليس فرعا على غيره ولو أفاد فائدته “.

نبه بذلك على خلاف الشيخ – رحمه الله – في المبسوط حيث قال: إنه فرع على

(1) راجع الوجيز 1: 177 وفتح العزيز 10: 296.

(2) النساء: 101.