مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج4-ص244
على الاقرار أعجب، فان صيغ العقود كلها إذا علقت على الشروط المفسدة يحكم بفسادها وإن تأخر الشرط إجماعا، والاقرار خارج من البين من جهة أنه إخبار لا إنشاء، وللاجماع عليه.
إذا تقرر ذلك فنقول: الذي يقتضيه ظاهر الرواية أن الكفالة وقعت بصيغة تامة في الموضعين، وتعقبها ما ذكر من الاشتراط، بدليل قوله: ” رجل تكفل بنفس رجل ” ثم قسمها إلى القسمين، فإن التكفل إذا أطلق يحمل على معناه الشرعي، وإنما يتم بذكر لفظ يوجبه.
وقوله بعده: ” فإن لم يأت به فعليه كذا وكذا ” إما أن يحمل على كون المكني عنه هو الحق المكفول لاجله، عملا بقرينة مقتضيات الكفالة.
وحينئذ فلا إشكال في الاولى، لانه يصير كفيلا أبدا، وما ذكر بعد الكفالة غير مناف.
ثم إن عملنا بمفهوم الشرط فهو ضامن للمال إن لم يأت به إلى الاجل، لان مفهوم ” إن جاء به إلى الاجل فليس عليه مال ” أنه إذا لم يجئ به إليه فعليه المال.
وحينئذ فلا فرق بين الصيغتين، لانه حكم في الثانية بهذا الحكم أيضا، لانه قال: ” إلا أن يبدأبالدراهم، فإن بدأ بالدراهم فهو لها ضامن إن لم يأت به إلى الاجل “، ويكون الاستثناء منقطعا، إذ لم يحصل به إخراج، لاتحاد الحكم في المسألتين، فكأنه بين أن الحكم هكذا، إن قدم الدراهم أو أخرها.
وبقي قوله في الرواية الثانية: ” عليه نفسه ولا شئ عليه من الدراهم ” ناظرا إلى نفس حكم الكفالة، لا إلى ما يترتب عليها عند الاخلال بالاحضار.
وإن لم يعمل بمفهوم الشرط أشكل الفرق بين المقامين بما تقدم.
وإما أن يحمل المال الملتزم على ما هو أعم من الحق، فيكون على سبيل الجعالة، فيلزمه ما التزمه إن لم يأت به في الموضعين، بإعمال مفهوم الشرط في الاولى، وللتصريح في الثانية.
ويناسب هذا الحمل كون الكفالة قد لا تكون غايتها المال، كالقصاص والزوجية.
ثم على تقدير كون المال مجانسا للمكفول لاجله ينبغي الحكم باحتسابه منه،