مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج4-ص152
[ فلو باع والحال هذه، لم يمض بيعه.
وكذا لو وهب أو أقر بمال.
] السابقة، فيكون السفه ترك ذلك، فيتحقق بترك الاشتغال بالاعمال التي ينبغي وقوعها من أمثاله.
ولا بد من تقييد صرف المال في غير الغرض الصحيح بكون ذلك ملكة له، بأن يكون ذلك من شأنه.
فلا يقدح الغلط والانخداع نادرا، لوقوعه من كثير من المتصفين بالرشد.
والمراد بغير الاغراض الصحيحة ما لا يلائم تصرفات العقلاء غالبا، كتضييع المال، واحتمال الغبن الفاحش في المعاملات، والانفاق في المحرمات، وصرف المال في الاطعمة النفيسة التي لا تليق بحاله، بحسب وقته وبلده وشرفه وضعته.
ومثله شراء الامتعة الفاخرة، واللباس كذلك، ونحوه واما صرفه في وجوه الخير، كالصدقات، وبناء المساجد، والمدارس، وإقراء الضيف، فإن كان لايقا به عادة لم يكن سفيها قطعا، وإن زاد على ذلك فالمشهور أنه كذلك، إذ لا سرف في الخير، كما لا خير في السرف.
وفي التذكرة ان ما زاد منه على ما يليق به تبذير، لانه إتلاف في المال، وقال تعالى:
(ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط)
(1).
وهو مطلق فيتناول محل النزاع.
لكنه لا يدل على مطلوبه، لان الحكم بكونه تبذيرا يقتضي فساد التصرف، والنهي هنا لا يقتضيه.
ومن المستفيض خروج جماعة من أكابر الصحابة وبعض الائمة كالحسن عليه السلام من أموالهم في الخير.
اللهم إلا أن يمنع من كون ذلك لا يليق بهم، والكلام إنما هو في ذلك، كما لو صرف التاجر أمواله كلها في عمارة المساجد، وفك الرقاب، ونحو ذلك، كما مثل به المانع منه.
قوله: ” فلو باع والحال هذه لم يمض بيعه، وكذا لو وهب أو أقر بمال “.
الضابط: أنه يمنع من جميع التصرفات المالية، سواء في ذلك ما ذكر وغيره.
ولا فرق في ذلك بين ما ناسب أفعال العقلاء وغيره، ولا بين الذكر والانثى.
(1) التذكرة 2: 76، والآية في سورة الاسراء: 29.