مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج4-ص149
[ وهل يعتبر العدالة؟ فيه تردد.
] قوله: ” وهل تعتبر العدالة؟ فيه تردد “.
اعتبر الشيخ – رحمه الله – (1) في تحقق الرشد إصلاح المال والعدالة، فلو كان مصلحا لماله غير عدل في دينه، أو بالعكس، لم يرتفع عنه الحجر.
وهو مذهب جماعة من العامة (2) منهم الشافعي (3).
واحتجوا على ذلك بقوله تعالى:
(ولا تؤتوا السفهاء أموالكم)
(4).
وقد روي (5) أن شارب الخمر سفيه، فيثبت في غيره، إذ لا قائل بالفصل.
روي عن ابن عباس في قوله تعالى:
(فإن آنستم منهم رشدا)
(6): ” هو أن يبلغ ذا وقار وحلم وعقل ” (7).
وأكثر أهل العلم على عدم اعتبارها، والاكتفاء بإصلاح المال على الوجه الذيذكرناه، لان المفهوم من الرشد عرفا ذلك، وهو المعتبر حيث لم يجد شرعا.
ولان الرشد نكرة مثبتة، فلا تفيد العموم في كل ما يصلح له، بل يصدق في صورة ما، ولا ريب في ثبوته لمصلح ماله وإن كان فاسقا.
ولان الكافر لا يحجر عليه بكفره، فالفاسق أولى.
وإنما يعتبر – على القول بها – في الابتداء لا في الاستدامة.
فلو عرض الفسق بعد العدالة، قال الشيخ (رحمه الله): ” الاحوط أن يحجر عليه ” (8)، ولم يجعله لازما.
وعلى هذا يتوجه أنها لو كانت شرطا في الابتداء لاعتبرت بعد ذلك، لوجود المقتضي.
واعلم أنه لو اعتبرت العدالة في الرشد لم يقم للمسلمين سوق، ولم ينتظم
(1) المبسوط 2: 284.
(2) المبسوط للسرخسي 24: 157، بدائع الصنائع 7: 170، المغني لابن قدامة 4: 566.
(3) الام 3: 215.
راجع أيضا المجموع 10: 283.
(4) سورة النساء: 5.
(5) تفسير العياشي 1: 220 الوسائل 13: 434 ب (45) من أبواب أحكام الوصايا ح 8.
(6) سورة النساء: 6.
(7) الخلاف 3: 284.
(8) الخلاف 3: 289 مسألة 8.
وفي المسبوط 2: 285 ” الظاهر أنه يحجر عليه “