مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج4-ص146
عليه وآله وسلم ” إذا بلغت المحيض لا يصلح أن يرى منها إلا هذا ” (1) وأشار إلى الوجه والكفين.
وأما الحمل فهو مسبوق بالانزال، لان الولد لا يخلق إلا من ماء الرجل وماء المرأة، كما نبه عليه تعالى بقوله:
(من نطفة أمشاج)
(2) أي مختلطة ماء الرجل بماء المرأة، فهو دليل، على سبق، البلوغ، إلا أن الولد لا يتيقن إلا بالوضع، فإذا وضعت حكمنا بالبلوغ قبل الوضع بستة أشهر وشئ إن ولدته تاما.
لكن لا فرق بين كون ما ولدته تاما وغير تام، إذا علم أنه آدمي أو مبدء نشوه كالعلقة.
إذا تقرر ذلك، فقول المصنف: ” بل قد يكونان دليلا ” ليس لتردده في دلالتهما، لانها إجماعية، وإنما أتى ب ” بقد ” التقليلية لانهما مسبوقان غالبا بغيرهما من العلامات، خصوصا السن، فدلالتهما على البلوغ بحيث يتوقف علمه عليهما نادر، فناسبه التقليل.
ويمكن أن يكون التقليل في الحيض إشارة إلى فائدة أخرى، هي أنه وغيرهمن الاصحاب (3) حكموا في باب الحيض بأن الدم الحاصل قبل التسع لا يكون حيضا وإن كان بصفته، وإنما يعتبر في الحكم به ما كان بعدها.
وإذا كان كذلك فتنتفي فاإدة دلالته، لانه قبلها لا اعتبار به وبعدها لا يفتقر إليه.
ويمكن أن يقال: تظهر فائدته في المجهول سنها، فإنها إذا رأت ما هو بصفته جامعا لشرائطه في القلة والكثرة يحكم بكونه حيضا، ويكون دليلا على سبق البلوغ، لان هذا لا يحكم بكونه قبل التسع مع اقترانه بدلالة الغالب على أن مثله لا يقع إلا بعد التسع سنين.
ويتناوله دلالة النصوص (4) على كون الحيض موجبا للاحكام، لانه.
حيض لغة وعرفا.
وحينئذ فتظهر مناسبة ” قد ” التقليلية هنا.
(1) سنن أبي داود 4: 62 ح 4104، سنن البيهقي 7: 86.
(2) سورة الانسان: 2.
(3) كابن حمزة في الوسيلة: 56، والعلامة في القواعد 1: 14.
(4) الوسائل 2: 559 ب ” 14 ” من أبواب الحيض وغيره.