مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج4-ص38
المراد أن الرهن لم يعلم كونه موجودا في التركة ولا معدوما، فحينئذ يكون كسبيل مال المرتهن، أي بحكم ماله، بمعنى أنه لا يحكم للراهن في التركة بشئ، عملا بظاهر حاله من كون ما تركه لورثته، وأصالة براءة ذمته من حق الراهن، إذ الرهن لم يتعلق بذمته، لانه أمانة، ولا بماله، لاصالة بقاء ماله على ما كان من عدم استحقاق أحد فيه شيئا.
هذا بحسب الظاهر، وإن كان في نفس الامر يمكن كونه من جملة التركة.
وقوله: ” حتى يعلم بعينه ” ” المراد به أن الحكم المذكور ثابت إلى أن يعلم وجود الرهن في التركة يقينا، سواء علم معينا، أو مشتبها في جملة التركة، وإن كان ظاهر العبارة يؤذن بخلاف ذلك، وأن الرهن إذا لم يعلم في التركة متعينا متميزا فهو كسبيل ماله.
وليس بمراد قطعها، إذ لا فرق في ثبوت حق الراهن وغيره بين العلم بكون ماله متعينا في مال آخر، أو متيقنا وإن كان مجهول العين.
وطريق التخلص حينئذ الصلح.
واعلم أن المصنف وغيره ذكروا هذه المسألة (1) هنا جازمين بحكمهما على الوجهالمذكور بعبارة متقاربة أو متحدة، وذكروا نظيرها في باب الوديعة وباب القراض (2)، واستشكلوا حكمها.
والامر فيه كذلك، فإن أصالة براءة ذمة المرتهن معارضة بأصالة بقاء المال، والحال أنه في يد المرتهن، وقد قال – صلى الله عليه وآله -: ” على اليد ما أخذت حتى تؤدي ” (3)، فإذا مات ولم يعلم بعينه فأصالة بقائه وثبوت يده يقتضي كونه في يده، فإذا لم يعلم عينه كان كالمعلوم بقاؤه، وإن لم يتحقق كونه من جملة التركة، لاحتمال كونه في محل آخر، إلا أن على المرتهن التخلص منه، وحيث لم يتعين يكون مضمونا، خصوصا إذا أمكنه الوصاية والاشهاد فلم يفعل.
وعلى هذا فيحتمل كون حق الراهن كالمال الموجود، فيقدم بقدره على غيره من الديان، لانه بمنزلة الشريك، حيث حكم ببقاء ماله.
ويحتمل كونه بمنزلة الديان،
(1 و 2) راجع القواعد 1: 164، 191، 251.
(3) عوالي اللئالي 1: 224 ح 106، المستدرك 14: 8 ذيل ح 12، سنن الترمذي 3: 566 ح 1266، سنن ابن ماجة 2: 802 ح 2400.