مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج3-ص110
[ ولو امتنع وآثر المضي إلى قضاة الجور، كان مرتكبا للمنكر.
] لا ينعزل بموت الامام الناصب له، وإن كان في موت المنصوب على الخصوص خلاف.
إذا تقرر ذلك فيجب على من عرف الاحكام على الوجه المذكور الحكم والافتاء كفاية، كما يجب عليه تحصيل تلك المرتبة كذلك على المشهور.
وقيل: إن وجوب تحصيلها عيني.
وهو ضعيف، ولكن قد يصير الواجب الكفائي عينيا، كما إذا لم يكن ثم قائم به، فإنه يوجب على الجميع النهوض إليه إلى أن يوجد من فيه الكفاية.
ولا يكفي ظن وصول الناهض إلى المطلوب، فإن على كل خير مانعا.
وإنما يجب عليه الافتاء والحكم إذا لم يخف على نفسه أو على أحد المؤمنين، وإلا لم يجز التعرض إليه بحال.
قوله: ” ولو امتنع وآثر المضي إلى قضاة الجور كان مرتكبا للمنكر “.
الضمير المستتر يعود على الخصم الذي دعاه خصمه إلى قاضي الحق، فإنه حينئذ باختياره المضي إلى قاضي الجور يكون مرتكبا للمنكر فاسقا، لان ذلك كبيرة عندنا.
وكذا القول في المدعي إذا قدم غريمه ابتداء إليهم، مع إمكان تحصيل حقه بدونه.
وقد روى الشيخ في الصحيح، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” أيما مؤمن قدم مؤمنا في خصومة إلى قاض أو سلطان جائر، فقضى عليه بغير حكم الله، فقد شركه في الاثم ” (1).
وعن أبى بصير قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام قول الله عزوجل:
(ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام) (2) فقال: ” يا أبا بصير إن الله عزوجل قد علم أن في الامة حكاما يجورون، أما إنه لم يعن حكام العدل، ولكنه عنى حكام الجور، يا با محمد إنه لو كان لك على رجل حق، فدعوته إلى حاكم أهل
(1) الكافي 7: 411 ح 1، الفقيه 3: 3 ح 4، التهذيب 6: 218 ح 515، الوسائل 18: 2 ب ” 1 ” من أبواب صفات القاضي ح 1.
(2) البقرة: 188.