مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج3-ص109
[ ومع اتصاف المتعرض للحكم بذلك، يجوز الترافع إليه، ويجب على الخصم اجابة خصمه، إذا دعاه للتحاكم عنده.
] بقوله مع عدالته، إلا أن مثل هذه الحكاية لاتعد فتوى، بل حكاية لها أو رواية، ولو أطلق عليه الفتوى كان مجازا.
وقد صرح الاصحاب في هذا الباب من كتبهم المختصرة والمطولة وفي غيره، باشتراط حياة المجتهد في جواز العمل بقوله، وأن الميت لا يجوز العمل بقوله.
ولم يتحقق إلى الآن في ذلك خلاف ممن يعتد بقوله من أصحابنا، وان كان للعام في ذلك خلاف مشهور.
وتحقيق المسألة في موضع آخر.
قوله: ” ومع اتصاف المتعرض للحكم بذلك يجوز الترافع إليه.
الخ “.
المشار إليه ب ” ذلك ” هو كونه عارفا بالاحكام، مطلعا على مآخذها على الوجه المعتبر.
والاصل في ذلك ما رواه عمر بن حنظلة، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجلين من أصحابنا يكون بينهما منازعة فتحاكما إلى السلطان والى القضاةأيحل ذلك؟ فقال: ” من تحاكم إلى الطاغوت فحكم له فإنما يأخذ سحتا، وإن كان حقه ثابتا، لانه أخذه بحكم الطاغوت، وقد أمر الله تعالى أن يكفر بها “.
قلت: كيف يصنعان؟ قال: ” انظروا إلى من كان منكم قد روى حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا، فليرضوا به حاكما، فإني قد جعلته عليكم حاكما، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه، فإنما بحكم الله استخف وعلينا رد والراد علينا راد على الله، وهو على حد الشرك بالله عزوجل ” (1) ونحوه أخبار اخر.
وقد استنبط الاصحاب الشرائط المعتبرة في الاجتهاد من هذا الحديث، بل من قوله: ” وعرف أحكامنا ” فإن معرفتها يتوقف على ما ذكر.
ودل أيضا على أن كل من كان متصفا بذلك فهو منصوب من قبله عليه السلام على وجه كلي، ومن هذا شأنه
(1) مر ذكر مصادره في الصفحة المقابلة هامش (2).