مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج3-ص108
[ ولا يجوز أن يتعرض لاقامة الحدود، ولا للحكم بين الناس، إلا عارف بالاحكام، مطلع على مآخذها، عارف بكيفية ايقاعها على الوجوه الشرعية.
] رواية (1) عن الصادق عليه السلام في طريقها ضعف.
ولكن رواية عمر بن حنظلة مؤيدة لذلك (2)، فإن إقامة الحدود ضرب من الحكم، وفيه مصلحة كلية ولطف في ترك المحارم، وحسم لانتشار المفاسد.
وهو قوي.
ولا يخفى أن ذلك مع الامن من الضرر عليه وعلى غيره من المؤمنين.
قوله: ” ولا للحكم بين الناس إلا عارف بالاحكام.
الخ “.
المراد بالعارف المذكور الفقيه المجتهد، وهو العالم بالاحكام الشرعية بالادلة التفصيلية.
وجملة شرائطه مفصلة في مظانها.
وهذا الحكم – وهو عدم جواز الحكملغير المذكور – موضع وفاق بين أصحابنا.
وقد صرحوا فيه بكونه اجماعيا.
وفي حكمه الافتاء.
والفرق بينهما أن الحكم إنشاء قول في حكم شرعى يتعلق بواقعة شخصية، كالحكم على زيد بثبوت دين لعمرو في ذمته.
والفتوى حكم شرعي على وجه كلي، كالحكم بأن قول ذي اليد مقدم على الخارج مع اليمين، أو إخبار عن حكم معين بحيث يمكن جعله كليا، كقوله: ” صلاة زيد باطلة، لانه تكلم فيها عمدا ” فإنه وإن كان حكما جزئيا، لكن يمكن جعله كليا، بحيث يكون هذا الجزئي من جملة أفراده، كقوله: ” كل من تكلم في صلاته عمدا بطلت صلاته ” بخلاف الحكم.
وإنما يمتنع الفتوى لغير المتصف إذا أسندها إلى نفسه، أو يطلق بحيث لا يتميز.
أما إذا حكاها عن مجتهد، يجوز العمل بفتواه فإن ذلك جائز، ويجوز التمسك
(1) لعل المراد بها رواية أبي خديجة المروية في التهذيب 6: 303 ح 846، والوسائل 18: 100 ب ” 11 ” من أبواب صفات القاضي ح 6.
(2) الكافي 7: 412 ح 5، الفقيه 3: ح 18، التهذيب 6: 301 ح 845، الوسائل 18: 98 ب ” 11 ” من أبواب صفات القاضي ح 1.