مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج2-ص380
وروى محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام قال: ” لا ينبغي للرجل ان يقيم بمكة سنة.
قلت: كيف يصنع؟ قال: يتحول عنها إلى غيرها ” (1).
وعلل أيضا بخوف الملالة، وقلة الاحترام، وليدوم شوقه إليها.
وهو منقوض بالمدينة، فإن المجاورة بها مستحبة مع وجود العلل فيها، الا أن يقال: إن ذلك في مكة أزيد بسبب زيادة المشقة في الاقامة بها.
وقد روى الصدوق عن الباقر عليه السلام: ” ان من جاور بمكة سنة غفر الله له ذنبه ولاهل بيته، ولكل من استغفر له، ولعشيرته، ولجيرانه ذنوب تسع سنين قد مضت، وعصموا من كل سوء أربعين ومائة سنة ” (2).
وروى: ” أن الطاعم بمكة كالصائم في ما سواها، وصيام يوم بمكة يعدل صيام سنة فيما سواها ” (3) ” ومن ختم القران بمكة من جمعة إلى جمعة أو أقل أو أكثر كتب الله له من الاجر والحسنات من اول جمعة كانت في الدنيا إلى آخر جمعة يكون وكذا في سائر الأيام ” (4).
وهذه الاخبار تدل على استحباب الاقامة، فيتعارض الاخبار ظاهرا.
وجمع الشهيد (رحمه الله) (5) وجماعة (6) بينها بحمل الكراهة على من لا يأمن وقوع هذه المحذورات منه، والاستحباب للواثق من نفسه بعدمها.
ويشكل بأن بعضها غير اختياري، كالتأسي بالنبي صلى الله عليه وآله، وكونه اخرج منها كرها.
وجمع آخرون بحمل الاخبار الاخيرة على المجاورة لاجل العبادة، والاولى على المجاورة لا لها كالتجارة (7).
وهو حسن مع الوثوق بعدم الملل والاحترام وملابسة الذنب ونحوه،
(1) علل الشرائع: 446 ب ” 196 ” ح 4، التهذيب 5: 448 ح 1563، الوسائل 9: 342 ب ” 16 ” من أبواب مقدمات الطواف ح 5.
(2) الفقيه 2: 146 ح 646، الوسائل 9: 340 ب ” 15 ” من أبواب مقدمات الطواف ح 2.
(3) الفقيه 2: 146 ذيل ح 645، الوسائل 9: 340 ب ” 15 ” من أبواب مقدمات الطواف، ح 1.
(4) الفقيه 2: 146 ذيل ح 644.
(5 و 7) الدروس: 139.
(6) منهم المقداد السيوري في التنقيح 1: 521.