مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج2-ص338
الصلاة فيهما بالاضطرار.
اللهم إلا أن يتكلف لقوله ” خلفه أو إلى أحد جانبيه ” بما زاد عما حوله مما يقاربه عرفا، وتصح الصلاة إليه اختيارا، بأن يجعل ذلك كله عبارة عن المقام مجازا، وما خرج عن ذلك المسجد الذي يناسب الخلف وأحد الجانبين يكون محلا للصلاة مع الاضطرار والزحام.
إلا أن هذا معنى بعيد وتكلف زائد.
وإن أراد المقام بالمعنى الثاني، وهو البناء المحيط بالصخرة المخصوصة صح قوله: ” أن يصلي في المقام ” ولكن يشكل بالامرين الآخرين، فإن الصلاة في غيره أيضا جائزة إختيارا، وهو ما جاوره عن أحد جانبيه وخلفه مما لا يخرج عن قرب الصخرة عرفا.
ولا يشترط فيه الزحام، بل هو الواقع لجميع الناس في اكثر الاعصر.
وفي إرادة البناء فساد آخر، وهو أن المقام – كيف اطلق – يجب كون الصلاة خلفه، أو عن أحد جانبيه، ومتى اطلق على البناء، وفرضت الصلاة إلى أحد جانبيه، صح من غير اعتبار أن يكون عن جانب الصخرة.
وهذا لا يصح، لان المعتبر في ذلك إنما هو بالصخرة لا بالبناء، فإنه هو مقام إبراهيم عليه السلام، وموضع الشرف،وموضع إطلاق الشارع.
وإيضا قوله: ” حيث هو الآن ” إحتراز عن محله قديما كما تقدم والمقام المنقول هو الصخرة لا البناء، كما لا يخفى.
وهذا الاجمال أو القصور في المعنى مشترك بين أكثر العبارات، وإن تفاوتت في ذلك.
ولقد كان الاولى أن يقول: ” يجب أن يصلي خلف المقام، أو إلى أحد جانبيه، فإن منعه زحام جاز التباعد عنه، مع مراعاة الجانبين والوراء “.
واعلم أن وجوب الصلاة في المقام – بأي معنى اعتبر – هو المشهور بين الاصحاب، وعليه إطباق المتأخرين منهم.
وذهب الشيخ في الخلاف إلى جواز فعلهما في غير المقام (1).
وأبو الصلاح جعل محلهما المسجد الحرام مطلقا (2)، ووافقه إبنا بابويه
(1) الخلاف 2: 327 مسألة 139.
(2) الكافي في الفقه: 157 – 158.