مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج2-ص181
ما سلف في الوضوء، فانهم لم يجوزوا غسل الاعضاء ولا مسحها دفعة واحدة، مع تحقق المعنى المذكور وهو عدم تقديم المؤخر، محتجين على ذلك، بان المعتبر تقديم المقدم لا عدم تأخيره وكذا حكموا في النائبين عن الميت في الصلاة اليومية أنه لا يجوز ايقاعهما الفعل دفعة بل لا بد من التعاقب، إلا أن يدعى في هذا الترتيب معنى مغايرا لذلك، وهو غير متحقق، لاشتراك الجميع في وجوب تقديم بعضها على بعض من الفاعل ولا معنى للترتيب الا ذلك.
ويظهر من الدروس ان في جواز النائبين هنا في عام واحد خلافا، لانه قال فيه: ” فالاقرب الاجزاء ” (1) وهو يدل على الخلاف.
ثم قال: ” ولو قلنا بوجوب تقديم حجة الاسلام، إما لسبق وجوبها أو مطلقا، ففي وجوب تقديمها من النائب نظر ” وعنى بذلك وجوب تقديم احرام نائب المتقدمة على احرام الآخر تنزيلا لهما منزلته.
ووجوب ذلك مع اقترانهما في باقيه غير واضح، لان المعتبر إن كان وقوع الاولى بكمالها قبل الثانية لم يتحقق هنا، وان كان عدم تقديمها كذلك فهو متحقق على التقديرين.
ويمكن الجواب عن اصل الاشكال بان هذا ليس من باب الواجب المرتب،بل من باب تعارض الواجبين، وفرق بين الامرين.
وبيان ذلك: أن حج الاسلام واجب مضيق، واجب مضيق، لان وجوبه فوري، وحج النذر المطلق – مثلا – وجوبه موسع، فالسنة الاولى بالنسبة إلى الواجبين تصلح لكل منهما، فمن ثم لو انفرد كل واحد عن الآخر أمكن فعله فيها، فإذا اجتمعا ولم يمكن الجمع بينهما قدم الواجب المضيق وفاء لحق الواجبين بحسب الامكان.
ومما يرشد إلى ذلك أنه لو اجتمع على المكلف واجبان كذلك وامكن الجمع بينهما – كصوم يوم مطلق وصلاة مائة ركعة مثلا في يوم معين كهذا اليوم – فانه يجوز الجمع بينهما مع الامكان، ولو لم يمكن قدم المضيق وهو الصلاة.
وهذا بخلاف الواجب المرتب فانه لا يجوز الجمع فيه وإن امكن كالوضوء والصلاة،
(1) الدروس: 88.