الروضة البهیة فی شرح اللمعة الدمشقیة-ج9-ص61
المقاتل الهمجية الرعناء.
اللهم إلا بعض الأمم فقد خرجوا عن قانون العالم كله، وعن قانون الاسلام.
ولذلك أصبح القتل بينهم رخيصا تكثر القتلى يوما فيوم كالجاهلية الأولى ولا يرون لقتل الانسان أي قيمة، أو هيبة.
وأما ما قالوه من حديث الرحمة والرأفة والرقة والعاطفة.
فجوابه: إن الرحمة إذا أصيبت في غير محلها تنقلب مظلمة.
فالترحم على الجاني والقاسي والظالم والمتمرد والمعتدي على النفوس والأعراض جفاء ظاهر.
ومعاكسة مع المصلحة العامة، واختلال للنظام، وهلاك للانسان، وإبطال للفضيلة.
وأما ما قالوه من القسوة وحب الانتقام.
فجوابه أن الانتقام للمظلوم من الظالم عين الشفقة والرأفة، وحب للفضيلة.
وهو عدل وانصاف وحب للحقيقة.
بل في ذلك مجموعة التربية العامة، وسد لأبواب الفساد.
وأما ما قالوه من وجوب تربية الجناة والمجرمين في مستشفيات روحية خاصةبهم فهو عذر لا طائل تحته، لأن في ذلك تشجيعا للجناة على ارتكاب جنايتهم.
فيحلون مرافق صحية يأوون إليها مرتاحين.
وأما إذا أذيقوا العذاب الأليم فسوف يتنبه غيرهم ويكون هذا تربية عامة للمجتمع جميعا.
ثم إن ادعاء استمراض هؤلاء فاسد جدا، لأنه لا مرض في هؤلاء الجناة غير حب الخروج على كرامة الانسانية.
فالواجب إفناؤهم عن الوجود رأسا كي تنقطع مادة الفساد، لا أنهم يبقون كلا على عاتق المجتمع ويحتمل مؤنتهم ليلا ونهارا فيكون هذا سببا لافساد آخرين وتقوية لشرور هؤلاء الباقين.