الروضة البهیة فی شرح اللمعة الدمشقیة-ج9-ص60
فالانسان – بوصفه انسانا – له كرامته واحتشامه وليس بين الواحد – من هذه الجهة – والألوف الآخرين من الأفراد فرق فارق.
فالكل إنسان، والجميع واحد وهذا هو ذاك، وحدة في جماعة، وجماعة في فرد من حيث أصل الوجود.
وهذه الطبيعة الوجودية تجهزت في نفسها بقوى وأدوات تدفع بها عن نفسها العدم – إطلاقا – لكونها فطرت على حب الوجود.
فتطرد كل موجبات الحط أو الازراء بكرامتها، لكونها مجبولة على التجنح نحو الكمال المتصاعد، والتحفظ على شخصيتها البارزة.
فلو تطاول أحد يدا ليقتل أخاه – وهو إنسان مثله فهو قد هتك حرمة الانسان بوصفه انسانا، ولذلك لا يفتأ فرد من أفراد الانسان في هكذا مجال إلا ويقضي على هذا المتطاول، لخروجه عن حدود الانسانية وتجاوزه على كرامة الانسان.
خذ لذلك مثالا: إن الأمم بأجمعها لم تزل تدافع عن كرامة أوطانها، وربما تقتل كل معتد يريد الطغيان، أو السلطة الجائرة على بلادهم.
ولم يزل العقلاء يشرفون هذا الموقف من الأمم ويمدحونه.
وليس ذلك إلا لكونه دفاعا عن كرامة أمة من الأمم.
فقس على ذلك ما إذا تطاول أحد على غيره.
فلو بادر المعتدى عليه فقتل المعتدي لم يذمه أحد من العقلاء، بل يباركونه بالفتح وبالقضاء على طاغ أراد البغي بكرامة الانسان.
إذن فالذي يهم قتل فرد من الانسان فقد خرج على هتك حرمة الانسانية وتطاول عليها.
وليس متجاسرا على فرد فحسب، بل هو متجاسر على البشرية جمعاء.
حيث الذي لا يلتزم بحرمة الانسانية ولا يهمه فرد من أفرادها فهو خارج على الانسانية على الإطلاق.
فهو موجود فاسد متهتك يجب قطع دابره.
وهذه الأمم الراقية أطبقت على لزوم قتل القاتل ورأوا ذلك أنجع داء لسد