الروضة البهیة فی شرح اللمعة الدمشقیة-ج1-ص186
يتردد على ألسنتهم.
ولم يدع (الشهيد) هذه الفرصة السانحة له أن تفوته فاشتغل بالتدريس والافتاء على (المذاهب السنية) ومذهب الشيعة)، وأخذ بارشاد الناس، والقيام بشؤونهم الدينية، وقضاء حوائجهم.
وطبيعي أن موقعا يتهيأ فيه مثل (الشهيد) علما ودراية وذكاء تصبح مركزا مهما لبث العلوم، وتربية العلماء والأفاضل، وكذلك كان (بعلبك) أيام الشهيد مركزا علميا كبيرا يقصده الناس من أنحاء مختلفة ويأتيه العلماء من القريب والبعيد، وكان (الشهيد) مشجعا كبيرا لهذه الحركة العلمية التي حدثت في (بعلبك).
يقول (ابن العودي) بهذا الصدد: كنت في خدمته في تلك الأيام – ويقصد أيام وجود الشهيد في بعلبك – ولا أنسى وهو في أعلى سنام، ومرجع الانام، وملاذ الخاص والعام يفتي كل فرقة بما يوافق مذهبها، ويدرس في المذاهب كتبها وكان له في المسجد الأعظم درس مضافا إلى ما ذكر، وصار أهل البلد كلهم في انقياده، وهم وراء مراده، بقلوب مخلصة في الوداد، وحسن الاقبال والاعتقاد، وقام سوق العلم بها على طبق المراد، ورجع إليه الفضلاء من أقاصي البلاد، ورقى ناموس السيادة والأصحاب في الازدياد وكانت عليهم تلك الأيام مثل الاعياد (1).
بقي (الشهيد) في بعلبك إلى سنة 955 مواصلا في أعماله التي ذكرنا
(1) رسالة ابن العودي المخطوطة