پایگاه تخصصی فقه هنر

الروضة البهیة فی شرح اللمعة الدمشقیة-ج1-ص184

ولم يشأ أن ينهي سفرته هذه ويعود إلى وطنه قبل أن يذهب إلى (العراق) ويزور (المراقد المطهرة، والمشاهدة المقدسة) هناك ويتصل بالاعلام القاطنين في تلك الديار، فيمم صوب العراق وورد (سامراء) يوم الاربعاء رابع شهر شوال سنة 952 ه‍، وتنقل في البلدان العراقية واحدا بعد واحد، وزار (المشاهد المشرفة) وقبور الصالحين المشيدة في (بغداد والحلة وكربلا والكوفة والنجف الاشرف)، وغيرها.

وكانت الحفاوة بمقدم (الشهيد) بالغة جدا، فلم ينزل في مدينة إلا وكان يتدفق عليه سيل الزائرين من العلماء والأفاضل، وسائر الطبقات المحترمة، يسلمون عليه ويرحبون به، ويستبشرون بلقياه، ويسرون بمقدمه المبارك.

وإن دلت هذه الحفاوة البالغة على شئ فإنما تدل على المكانة العلمية الكبيرة التي كان يحتلها (الشهيد) في العالم الاسلامي آنذاك، وعظيم الاحترام في نفوس المسلمين كافة حتى البعيدين عن وطنه، ومسقط رأسه وتدل كذلك على أنه كان يتمتع بشهرة واسعه جدا في الاوساط العلمية في مختلف البلدان القريبة والنائية.

وهذه الحفاوة والزيارات لم تشغل (الشهيد) عن الرسالة العلمية التي كان يسعى إلى تحقيقها أينما حل، فسعى سعيا مشكورا في التحقيق من (قبلة العراق) بصورة عامة، وقبلة (مسجد الكوفة) و (حرم أمير المؤمنين) عليه السلام بصورة خاصة، إذ وجد القبلة في هذه الامكنة منحرفة عما يجب أن تكون عليه، فحقق مقدار انحرافها وصلى طبق ما أدى إليه اجتهاده، مخالفا لما كان عليه الأهالي من ذي قبل.

ولقي هذا العمل العظيم ارتياحا كبيرا في النفوس، ولم يتخلف