جامع المقاصد فی شرح القواعد-ج12-ص398
بينهم بما أنزل الله) (1) وإن على الإمام دفع الظلم عنهم، وردهم إلى ملتهم يتضمن الظلم.
والحق أن الآية محكمة، والظلم الذي يجب دفعه عنهم هو ما عدا ظلم دينهم، لأنهم يقرون عليه ويعتقدونه حقا.
وإن اختلف الغريمان في الدين فكذلك يتخير الإمام بين الحكم والاعراض على إشكال ينشأ: من عموم الآية الشامل للمتفقين في الدين والمختلفين، ولا مخصص لهذا العموم في الكتاب والسنة.
ومن أن الاعراض هنا يستلزم الرد إلى ملة أحد الخصمين، ويلزم منه محذورات: الأول: الظلم، فإن الحكم على الآخر بغير حكم الاسلام، وما التزمه من دينه الذي يقر عليه ظلم قطعا، يجب على الإمام إزالته بمقتضى الذمة وبمقتضى قوله تعالى: (وأن احكم بينهم بما أنزل الله) .
الثاني: الخروج عن مقتضى عقد الذمة، لأن الذي تراضينا وإياهم عليه تقريرهم على دينهم واجراء أحكام الاسلام لهم، والرد إلى أحد الملتين خروج عن ذلك بالنسبة إلى الخصم الآخر.
الثالث: إن الاعراض لو جاز لزم أحد الأمور الثلاثة الآتية، وهي: إما الرد إلى من يختاره المدعي، أو الحاكم، أو الناسخ، واللازم بأقسامه محذور باطل.
بيان الملازمة انحصار الأمر على تقدير الرد في الأمور الثلاثة بالاستقراء.
ووجه الأول أن يعتبر الحاكم حق المدعي، ووجه الثاني أن الحاكم هو المأمور بالحكم أو الرد فإليه التعيين.
ووجه الثالث ما ذكره المصنف من قوله: (لموافقة رأيه رأي الحاكم في بطلان المنسوخ).
(1) المائدة: 49 (