جامع المقاصد فی شرح القواعد-ج9-ص330
أحدهما: القبول، واختاره الشيخ (1)، لأن قوله: لم أقبضه لا ينافي إقراره الأول، لأنه قد يكون عليه ألف درهم ثمنا ولا يجب عليه التسليم قبل قبض المبيع، ولأن الأصل عدم القبض، والأصل براءة الذمة.
والمصنف في المختلف قال: إنه ليس بعيدا من الصواب، لأن للانسان أن يخبر بما في ذمته على ما هو ثابت في الذمة، وقد يشتري الانسان ولا يقبض المبيع، فكان له أن يخبر بذلك، فلو الزم بغير ما أقر به كان ذلك ذريعة إلى سد باب الاقرار، وهو مناف لحكمة الشارع (2).
والثاني – واختاره ابن إدريس (3)، عدم القبول فيلزمه الألف، لأنه أتى بالمسقط بعد الاعتراف.
ولقائل أن يقول: أنا لا نسلم إنه أتى بالمسقط فإن ذلك لا ينافي وجوب الألف وثبوتها في الذمة، إنما ينافي استحقاق المطالبة بها الآن فهو بمنزلة ما لو أقر بألف مؤجلا.
والتحقيق: أن ذلك وإن لم يكن مسقطا لكنه في حكم المسقط، فإن استحقاق الألف والوصول إليها إنما يكون ببذل ما زعمه مبيعا من أموال المقر له، ففي الحقيقةكأنه لم يقر له بشئ، فقول ابن إدريس لا يخلو من قوة.
وهنا نكتة سنح ذكرها هنا، وهو أن المؤاخذ بهذا الاقرار، ونظائره من المواضع المختلف فيها هل هو كل مقر، سواء كان ممن له أهلية الاجتهاد أم لا، معتقدا قبول مثل ذلك أم لا؟ أم يقال: إن من يعتقد قبول مثل ذلك وعلم ذلك من مذهبه يعامل بمعتقده؟ لا أعلم في ذلك كلاما للأصحاب، والذي يقتضيه النظر أنه يلزمه بمعتقد الحاكم كائنا ما كان.
(1) المبسوط 3: 34.
(2) المختلف: 440.
(3) السرائر: ص 283 باب الاقرار.