جامع المقاصد فی شرح القواعد-ج6-ص45
[ وأجرة المسكن إن احتاجت ومؤونة الرد على المالك وإن قلت، ]ما جزم به هنا قال في التذكرة (1): إنه الأقرب، وفرق بأمرين: أحدهما: أن الوديعة أمانة، وقول المستودع مقبول في الرد والتلف، فلا معنى للإشهاد.
ولا محصل لهذا، لأن الاشهاد لخوف إنكار الوكيل، فلا أثر لكون قول المستودع مقبولا في الرد والتلف، ولو قال بدل المستودع: قول الوكيل مقبول في الرد والتلف لكان أوجه.
الثاني: ما ذكره هنا من أن الودائع حقها الاخفاء، بخلاف قضاء الدين.
ويمكن الفرق بثالث، وهو: أن المطلوب بقضاء الدين انقطاع مطالبة المدين عن المديون وبراءة ذمته، وذلك موقوف على الاشهاد، والمطلوب في الوديعة إيصال الحق إلى مستحقه، ويد الوكيل يد الموكل، فكما لا يجب الاشهاد عند الدافع إلى المودع، لا يجب عند الدفع إلى الوكيل، بل ربما يقال: إن ذلك إن نافى الفورية عد به ضامنا.
واعلم أن في قول المصنف: (فلا ضمان لو أنكر) مناقشة، لأنا لو قلنا بالضمان وعددناه مقصرا أوجبناه على كل حال، سواء أنكر، أو أقر وامتنع من التسليم، أو تلفت العين في يده، فإنه على كل واحد من التقديرات يرجع علىالمستودع.
قوله: (وأجرة المسكن – إن احتاجت – ومؤنة الرد على المالك وإن قلت).
لأن الاستيداع وإن اقتضى وجوب الحفظ، لكن ما جرت العادة ببذل المالك في مقابله مما يتوقف عليه الحفظ، من أجرة المسكن، وثمن العلف، وأجرة السقي إن كان له أجرة، وأجرة الراعي ونحو ذلك، لا يجب بذله من
(1) التذكرة 2: 206.