جامع المقاصد فی شرح القواعد-ج5-ص170
وهكذا إلى ما لا نهاية له، فيلزم التسلسل.
وهذا إنما يتم على تقدير أمرين: أحدهما: أن كلما ضمن للعبد لا بد من دفعه إليه على وجه يعلم به المشتري، وليس ذلك بلازم، لإمكان ضمانه على وجه يرضى ببقائه في يده، أو يد شخص آخر بالوكالة، أو يسلمه إليه، بحيث لا يعلم المشتري، ويستره العبد عنه.
الثاني: أن كلما وصل إلى المشتري من العبد يجب على المقر ضمانه، ومقتضى كلام المصنف الآتي – فيما لو سعى العبد: أنه لا يضمن المقر إلا أجرة المنافع، دون ما دفعه بالكتابة – عدم الضمان، وحينئذ فإذا أخذه المشتري لا يجب ضمانه دفعة أخرى.
ولا يقال: إن بين هذا، وبين ما زاد على أجرة منافعه من مال الكتابة فرقا، لأن العبد التزم به، ودفعه باختياره.
وأما هنا فإن المأخوذ منه قهرا، فلا يلزم من إسقاط الضمان هناك سقوطه هنا، لأنا نقول: إن التزامه بمال الكتابة ليس باختياره قطعا، وإنما هولخلاص رقبته من سلطنة الرق بغير حق، الناشئ عن تغرير المقر ورهنه، فلا فرق.
إذا عرفت هذا، فلتوهم امتناع هذا الضمان قيد المصنف الضمان بكونه لما يتبع به بعد العتق، كالجناية التي يقربها العبد، وينكرها المشتري، ولا يمكن اثباتها، وكذا لو أقر بها المشتري، أو ثبتت وصرف ذلك فيها بإذن العبد، إذا كانت توجب المال، أو وقع التراضي على المال.
وكذا لو أقر بمال، أو أتلف مالا، أو تزوج امرأة بغير إذن المشتري، وهي جاهلة بحاله، فإن المضمون للعبد حينئذ من المقر يرصد لهذه بيد الحاكم، ولا يتعين، بل إن أمكن أن يرصد في شخص بإذن العبد جاز، بل هو متعين، ومقدم على التسليم إلى الحاكم، وكذا صرفه إلى المقر له بإذن العبد حالا.