جامع المقاصد فی شرح القواعد-ج5-ص100
العين ما دامت موجودة، لا يتعلق بالذمة شي ء سوى وجوب ردها، ومعلوم أن الابراء ليس من هذا، إنما الأبرار من مقتضى الغصب، وهو ضمانها عند التلف.
فإن قلت: إذا كانت العين موجودة، فهنا أمران: وجوب ردها على الفور، لكون يد الغاصب يد عدوان، وضمانها عند التلف، وهو أثر ذلك، فإذا أبرأه تعلق الابراء بالأمر الأول، فيسقط الثاني وهو أثره.
قلت: الضمان أثر يد العدوان، لا أثر وجوب الرد على الفور، والابراء إنمايسقط به الحق الثابت في الذمة، لا كون اليد يد عدوان، ونحوه.
وإنما يزول عدوان اليد، بأن تصير يد أمانة، ولا دخل للابراء في ذلك، وما دام وصف العدوان ثابتا فالضمان بحاله.
وما ذكره في توجيه الوجه الثاني من وجهي الاشكال لا محصل له، لأن وجود سبب وجوب الشئ لا يقتضي صحة تعلق الابراء بذلك الشئ، الذي لا تحقق له، فلهذا كان الأقرب أنه يبرأ بذلك، ولا تصير يده يد أمانة، وإنما يبرأ بالرد إليه، أو بأن يستنيبه في الحفظ عنه، واثبات اليد على الظاهر في الثاني، لأن يده يده حينئذ.
ولا يقال: إن التأدية غير صادقة على هذا، لأنا نقول: يكفي فيها التأدية بالاعتبار، فهو باعتبار كونه غاصبا مؤد، وباعتبار كونه وكيلا في إثبات اليد على المالك آخذ.
فإن قيل: قد اختار فما سبق ضمان الغاصب يزول بالرهن، فكيف لا يزول بالابراء؟ قلت: لو صح ذلك لم يكن بينه وبين هذا منافاة، لأن المقتضي للزوالهناك كون الرهن أمانة، وهو سبب غير الابراء، ولا يمتنع إمكان أحد السببين وامتناع الآخر.