جامع المقاصد فی شرح القواعد-ج5-ص88
شئ آخر، ومن أن معنى التوثق حاصل باستحقاق أخذ عوض العين عند تلفها من المرهون، وذلك هو المقصود من الرهن، إذ المعقول منه كونه وثيقة للحق المرهون به على أن تستوفى منه عند الحاجة، وهذا كما يصدق في الرهن على الدين، يصدق على الرهن في محل النزاع.
فإن قيل: فعلى هذا يجوز الرهن على غير المضمون من الأعيان، لثبوت التوثق بهذا المعنى في الرهن عليها.
قلنا: لما لم تكن مضمونة لم يكن تلفها موجبا لثبوت شئ في الذمة،لانتفاء الضمان، فلم يتحقق مقصود الرهن بالنسبة إليها.
فإن قيل: حيث أن الرهن وثيقة تستوفى منه عند الحاجة، لزم القول بصحته هنا، لإمكان عروض الحاجة بالتلف بعد التعدي.
قلنا: لما لم يكن الضمان متحققا، كان المعنى المصحح للرهن منتفيا، بخلاف المضمونة.
فإن قيل المصحح للرهن، كونه بحيث يستوفى منه عند الحاجة، وهو ثابت في الموضعين.
قلنا: لما كانت الأعيان مضمونة، كان المصحح للرهن موجودا بالقوة القريبة من الفعل، بخلاف غير المضمونة، فإنه لا مصحح فيها بالفعل، ولا بالقوة القريبة.
ويمكن أن يقال: أن الرهن في الأعيان المضمونة على العهدة الثابتة، وهي تعلق ضمان الأعيان بالذمة على تقدير التلف، لأنها حق ثابت في الحال.
ولا يقال: إن المرهون به لا يمكن استيفاؤه هنا من المرهون، لأنالمطلوب استيفاؤه هو المقصود من تلك العهدة، وهذا المعنى منتف في الأعيان الغير المضمونة.
أو يقال: أن الرهن على هذه الأعيان، من جهة تعلق عهدة ضمانها على تقدير التلف بالذمة، وهذا منتف أيضا فيما ليست بمضمونة.