پایگاه تخصصی فقه هنر

جامع المقاصد فی شرح القواعد-ج3-ص472

[ والعادة إن شرط رد من جاءنا منهم عليهم وهو سائغ، إلا في المرأةإذا جاءت مسلمة، ومن لا يؤمن أن يفتن عن دينه إذا جاء مسلما لقلة عشيرته.

] الرابع: إن أهل الذمة في قبضة الإمام ولا يخشى الضرر كثيرا من نقضهم، بخلاف أهل الهدنة، كذا ذكروه، ولعله لكون الجزية إنما يرضى ببذلها المشركون بعد كمال الضعف، لأن الصبر على الصغار، وتحمل الاهانة، وعدم ركوب الخيل ولبس السلاح، ونحو ذلك، وبذل مال الجزية غير معلوم المقدار أمر شديد لا يصبر عليه عن قوة يد.

فإن قلت: قوله تعالى: (وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء) (1) صالح لأهل الذمة أيضا.

قلنا: لما كان قبول الجزية من أهل الذمة واجبا ما بذلوه، لقوله تعالى: (حتى يعطوا الجزية عن يد) (2) وجب أن لا يثبت جواز النقض هنا، إلا بتحقق السبب.

قوله: (والعادة أن يشترط رد من جاءنا منهم عليهم).

إنما عبر بالعادة، لأنه قد وقع ذلك في فعله عليه السلام في صلح الحديبية.

قوله: (ومن لا يؤمن أن يفتن عن دينه إذا جاء مسلما لقلة عشيرته).

لا بد من التقييد بضعفه أيضا، ومثله من كثرت عشيرته ولا يدفعون عنه.

والذي ينبغي أن لا يراد بفتنه عن دينه: رجوعه عنه، فإنه لو كان قوي الايمان شديد البصيرة لا عشيرة له ولا يستطيع إظهار دينه لا يجوز رده، بل يراد فتنه عن دينه ظاهرا، فإن بلاد الشرك لا يجوز الإقامة بها لمن لا يقدر على إظهار دينه، فلا يجوز اشتراط إقامته.

واعلم أن المراد بالعشيرة والرهط هنا واحد وهم: قرابته الأدنى والأبعد.

(1) الانفال: 58.

(2) التوبة: 29.