جامع المقاصد فی شرح القواعد-ج2-ص48
تختلف القبلة باختلاف حال المصلي، باعتبار قربه من الكعبة بحيث يكون مشاهدا لها، أو متمكنا من المشاهدة على وجه لا تلزم منه مشقة كثيرة عادة، كالمصليفي بيوت مكة أو الأبطح، وباعتبار بعده منها بحيث لا يكون كذلك.
فالأول قبلته الكعبة لتمكنه من محاذاتها، وأما الثاني فقبلته جهتها لعدم التمكن من المحاذاة.
وهذا هو أصح القولين (1)، للاخبار الدالة على أن الاستقبال كان إلى بيت المقدس، ثم حول إلى الكعبة (2)، ولأن النبي صلى الله عليه وآله صلى قبل الكعبة وقال: (هذه القبلة) (3).
وقال الشيخ (4) وجمع من الأصحاب (5): إن الكعبة قبلة من في المسجد، وهو قبلة من في الحرم، وهو قبلة أهل الدنيا، وبه أخبار لا تخلو من ضعف.
(6) ونزلها في الذكرى على أن ذكر المسجد والحرم إشارة إلى الجهة (7)، ويرد على هذا القول لزوم بطلان صلاة الصف المستطيل في جهة من الجهات خارج الحرم بحيث يزيد طوله عل سعة الحرم، إذ من المعلوم أن في البلاد المتباعدة سمت القبلة يخرج عن سعة الحرم، واللازم معلوم الانتفاء.
إذا تقرر هذا فقد قال المصنف في التذكرة: جهة الكعبة هي ما يظن أنه الكعبة حتى لو ظن خروجه عنها لم يصح (8)، وفي هذا التفسير نظر من وجهين: الأول: أن البعيد لا يشترط لصحة صلاته ظنه محاذاة الكعبة لأن ذلك لا يتفقغالبا، فإن البعد الكثير يخل بظن محاذاة الجرم اللطيف، فيمتنع اشتراطه في الصلاة.
الثاني: أن الصف المستطيل في البلاد البعيدة، إذا زاد طوله على مقدار الكعبة
(1) ذهب إليه ابن الجنيد كما نقله عنه في المختلف: 76، وابن إدريس في السرائر: 42، والمحقق في المعتبر 2: 65.
(2) الفقيه 1: 178 حديث 843.
(3) سنن البيهقي 2: 9.
(4) النهاية 62 – 63.
(5) منهم: المفيد في المقنعة: 14، وابن حمزة في الوسيلة: 82، وسلار في المراسم: 60، وابن زهرة في الغنية (الجوامع الفقهية): 494.
(6) منها: ما رواه في الفقيه 1: 177 حديث 840، التهذيب 2: 44 حديث 139 وغيرها.
(7) الذكرى: 162.
(8) التذكرة 1: 100.